نقطع بأنّ واحدا منهما خارج عن المعيار الذي ذكرنا . فإن قلت : المجتهدان اللَّذان لا نشكّ في كونهما واجدي الملكة قلّ أن يتّفق اتّفاقهما في الفتوى في المسائل وهذا ينافي ما ذكرت بل لا يرى من أوّل الطهارة إلى الديات مسألة فقهيّة إلا اختلفت الأقوال فيها والمسائل المجمع عليها مضمحلَّة في جنبها . قلت : المعيار أحد أمرين إمّا إحراز كونه مصيبا إلى الوظائف الواقعيّة بمراتبها وغير مخطئ ، وإمّا الاطمئنان بذلك بحيث كان احتمال الخطاء موهوما نظير احتمال الخطأ في الحس ، وكثرة موارد الاختلاف نشأ من ضمّ خطاءات كلّ واحد إلى غيره ، وإلَّا فموارد خطأ كل فرد وحده قليل ، كما نلاحظ في الصنّاع حيث إنّ موارد خطائه في جنب أصابته قليل وإن كان لو اجتمع خطاءاته مع غيره صارت كثيرة . وأيضا غالب موارد اختلاف الفقيهين من جهة تردّد أحدهما وعدم جرأته على الفتوى واحتياطه عنه ، لأجل احتمال عدم فحصة بالمقدار اللازم في الأدلَّة وإلَّا فاختلاف فتواهما قليل ، كما ترى بين فتاوى الشيخ الأعظم الأنصاري والسيد الأجل الميرزا الشيرازي - قدس رمسهما - ، هذا ما قاله الأستاذ - دام بقاه - وقد كان أكثر أهل مجلس الدرس على خلافه . ثم لا شبهة في الموضوع الأوّل أعني من أحرز أنّه يصيب لا في جواز نظره بل وجوبه ولا في رجوع غيره إليه من غير فرق بين الحياة والممات ، أمّا جواز نظره فلأنّه مكلَّف بتلك الوظائف ولا يعقل منعه عن فهمها والتصدّي لمعرفتها . وأمّا قول أصحابنا الأخباريين وتشديدهم النكير على الأصوليين فإن كان