يقتضي المعاملة مع التلف معاملة مال البائع الذي تلف في يده ولا مرجّح لأحدهما على الآخر ، وصرف أنّ الثاني مقتضى للمعاملة مع التلف معاملة مال البائع إنّما ينفع في مقام المعارضة ، وأمّا في مقام المزاحمة فهما في عرض واحد ، فلا محيص عن التخيير . والحاصل : أنّ الحكومة إنّما تنفع في مقام الدلالة والإثبات وكلامنا في مرحلة الثبوت . وإن قيل إنّه بحسب هذه المرحلة أيضا تارة كلّ من السببين يقتضي شيئا معاندا لما يقتضيه الآخر ، بحيث يكون الاقتضاء الأوّلي لكلّ منهما لذلك المعاند ، فهذا مقام التزاحم ، وأخرى يكون أحدهما مقتضيا لشيء والآخر مقتضيا لأن لا يكون الأوّل مقتضيا كما في المقام حيث مقتضى أحدهما التضمين بالمثل أو القيمة ومقتضى الآخر المعاملة مع التالف معاملة ملك نفس المتلف ، فهذا الثاني لأجل التقدّم الرتبي مقدّم على الأوّل ، لكنّه أيضا محلّ خدشة ، فإنّه ربّما يكون سببيّة الأوّل ناقصة ويكون الثاني راجعا إلى نقص في شرائط عليّة الأوّل ، وأخرى يكون المفروض تماميّة الأوّل في جهات العلَّية الحيثيّة لو لا الابتلاء بجهة المزاحمة ، فإن كان الثاني يمنع تقدّم الثاني . هذا هو الكلام في التخيير بناء على مذاق السببيّة ، وأمّا بناء على ما اختاره شيخنا المرتضى وقوّاه من بنائه على خيار تعذّر التسليم فهو لا إشكال فيه لو تمّت الكبرى ، أعني : أصل ثبوت الخيار عند تعذّر التسليم وإن كان في تقوية شيخنا المسألة المتفرّعة عليه دلالة على أنّه مفروغ عنه عنده فإنّه بعد ثبوت هذا الأصل نقول : المشتري بواسطة تعذّر تسليم المبيع مخيّر بين الفسخ والإمضاء ، فإن أمضى البيع كان له تضمين البائع بالمثل أو القيمة لقاعدة الإتلاف ، وإن فسخه كان له الثمن .