دلالة فيه على مدّعى الشيخ من وجوه ، الأوّل : إنّ المدّعى بحسب الظاهر مشتمل على قيود : أن يكون البيع الأوّل مؤجّلا ويكون الثاني بأنقص من ثمن الأوّل ويكون المثمن في الثاني عين المثمن في الأوّل بشخصه ، ويكون الثمن مجانسا لثمن الأوّل ويكون الثاني واقعا بعد الأجل في الأوّل ، أو أنّ المدّعى أعمّ من هذه الجهة كما يظهر من الحدائق ، والمذكور في الخبر لا ينطبق على تمام هذه القيود ، لأنّ الموجود فيه كلمة ( طعام ) ، وظاهره المغايرة مع الأوّل شخصا . وإلَّا ناسب الإتيان بها محلَّاة باللام . والثاني : لو أغمضنا عن ذلك فليس فيه كون الثمن في الثاني أنقص أو أزيد أو مساويا ، والثالث : قوله : لا تشتره ، فإنّه لا خير فيه يلوح منه الإرشاد إلى كراهة هذا الشراء لا فساده . وأمّا الخبر الثاني : فتغيّر السعر فيه وإن كان أعمّ لغة من الزيادة والنقيصة ولكن حسب قرينة المقام ظاهر في الزيادة ، وذلك لأنّه إذا تغيّر سعر الطعام عن سعره الأوّل الذي كان له حين البيع الأوّل بالزيادة فاللازم أن يأخذ بعض ما أعطاه في مقام مطالبة ثمنه وهذا أوجب وحشة السائل بعد قول الإمام - عليه السلام - له « اشتره منه بسعر يومه » ، وقال : أفهم أصلحك اللَّه أنّه طعامي الذي اشتراه منّي ، [ فلما استوحش ذلك قال له الإمام - عليه السلام - ] : « لا تأخذه منه حتى يبيعه ويعطيك » ، يعني : أمّا الآن فحيث يثقل عليك أخذ مالك بأزيد من قيمته الأولى فاصبر حتّى يبيعه من غيرك ويعطيك ثمنك من قيمته [ ولهذا قال السائل ] : أرغم اللَّه أنفي رخّص لي فلمّا رددت عليه شدّد عليّ ؟ [1] .
[1] - الوسائل : ج 13 ، الباب 12 ، من أبواب السلف ، ص 75 ، ح 5 .