نحوي الكسب لا العيني ولا الكفائي عند عدم من به الكفاية في شيء من الجانبين أو من جانب التعلَّم ، وأمّا مع وجود من به الكفاية في جانب التعلَّم وعدمه في جانب الكسب ، المتعين هو الثاني . ولو فرض في هذه الصورة تزاحمه مع الكسب الواجب العيني فقد يقال إنّه من باب التزاحم بين الواجب والمستحبّ ، ومن المعلوم تقدّم الكسب الذي هو الواجب أيضا ، ولكن يمكن أن يقال : وإن كان التعلَّم مستحبّا لكن يمكن استفادة تقييد دليل ذلك الواجب بدليل هذا المستحب ، حيث إنّ في أخبار طلب العلم ما يقرب هذا المضمون من « أنّ اللَّه قد ضمن وتكفّل لطالب العلم رزقه » فيعلم بذلك أنّ الخطاب بالكسب في أدلَّته خاص بغير طالب العلم . إن قلت : ما استندت في حرمة التعطيل عن الكسب عند عدم الاشتغال بالعلم من كونه ذا مرّة سويّا ولا يستحقّ حينئذ الزكاة موجود في حال الاشتغال أيضا ، لأنّ الاستحباب الشرعي ليس كالوجوب الشرعي حتّى يقال : إنّه كالوجوب العقلي سالب للعنوان المذكور . قلت : إذا فرض فعليّة الاستحباب في حقّه وأراد العمل بهذا الحكم الفعليّ وصار مشتغلا به فهو عرفا خارج عن العنوان المذكور ما دام باقيا على بنائه وشغله . هذا جملة ما استفدته في هذه المسألة من بحث مولانا الأستاذ - أطال اللَّه تعالى إفاداته .