العلم اجتهادا أو تقليدا ، فإن فرضنا استلزام الأوّل لاختلال النظام كان المتعيّن هو الثاني . فعلم أنّ وجوب التعلَّم ليس من باب المقدّمة الوجوديّة إذ قد عرفت إمكان عدم الوقوع في مخالفة مشروع أصلا مع الجهل ولكنّه واجب عقلا للأمنيّة والاطمئنان ، ولا فرق بين الالتفات حال العمل والغفلة في الأثناء بالنسبة إلى بعض المعاملات والعبادات بعد وجود الالتفات من الأوّل ولا يتوقّف على العلم الإجمالي بوجود غير المشروع في ما يرتكبه ، بل نفس الاحتمال حيث إنّه مساوق احتمال وجود الحجّة على العقاب يكفي للبعث العقلي حذرا عن العقاب المحتمل . وأمّا القسم الأخير من تحصيل العلم وهو ما كان مقدّمة لبقاء الآثار وعدم الاندراس فوجوبه ممّا لا يحتاج إلى مزيد بيان بل هو بمرتبة لا يزاحمه حفظ النفوس الطيّبة المقدّسة ، فلو دار الأمر بين بقاء الدين وبقاء النبيّ كان المتعيّن الأوّل ، هذا حاصل الكلام في أصل وجوب القسمين . وأمّا الكلام في المزاحمة فنقول : أمّا القسم الأوّل من التعلَّم الواجب العيني لو زاحمه وجوب الكسب المتوقّف عليه حفظ النظام فلا ريب في أولويّة الثاني مع عدم من به الكفاية ، وأمّا مع وجوده فلا مزاحمة ، ولو زاحمه وجوب الكسب اللازم لقوت نفسه وعياله الواجبي النفقة حيث يحرم على ذي المرّة السوي بقائه معطَّلا وجعل نفسه كلَّا على الناس بأخذ الزكوات والصدقات - فإنّ مستحقّ الزكاة غير ذي مرّة - فالواجب عليه التعلَّم ، ويخرج بذلك عن كونه ذا مرّة لأنّ الوجوب الشرعي كالعقلي ، فيجوز له أخذ الزكاة والتعطَّل عن الكسب بالاشتغال بتحصيل العلم الواجب إمّا اجتهادا أو تقليدا . وأمّا القسم الثاني منه : أعني : ما كان مقدّمة لبقاء الدين فلا يزاحمه شيء من