ولم يعلم إرادته من المجمعين بل الظاهر إرادتهم عصره ويكون لكلّ بلد من البلاد المختلفة في عصره حكم نفسه ، وثانيا : سلَّمنا ولكن لمّا كان طرف هذا العلم غير محلّ للابتلاء لأنّ متعلَّقه التكليف المردّد بين المكلَّفين فكلّ منهما يتمسّك بأصل البراءة في حقّ نفسه ، وثالثا : سلَّمنا عدم جريان أصالة البراءة لا عقلا ولا نقلا ، ولكن أصالة العموم لا مانع من الأخذ بها في مثل هذا المورد ممّا علم بالتخصيص إمّا في المورد المبتلى به أو في مورد آخر غير مرتبط بالإنسان ، نظير ما إذا علم العبد بورود التخصيص إمّا على عام صادر من مولاه وإمّا على عام صادر من المولى في الهند بالنسبة إلى عبده ، وكذلك لو قال طبيب : اشرب الدواء الفلاني وعلمنا بأنّه إمّا كذب في هذا الإخبار أو فيما أخبر به زوجته من الإخبار الأخر ، وبالجملة لا يسقط العام بمجرّد طروّ هذه الجهة عن قابليّة المحاجّة والاحتجاج ، هذا . ولكن يمكن الخدشة بأنّ العمومات غير مبنيّة على إعمال علم الغيب حتّى يمكن التمسّك بها في الشبهة المصداقيّة ، ويمكن أن يقال : إنّ عنوان معقد الإجماع ، أعني : ما يكال في عهد النبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم مضافا إلى احتمال كونه إشارة يحتمل على تقدير العنوانيّة كونه أمارة بمعنى أنّ الشارع رأى بملاحظة تطابق الأزمان والأعصار في عزّة الوجود وكثرته في الأجناس الماليّة كون عصره صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم أمارة على سائر الأعصار فحكم بأنّ ما يكال في عهده فهو ميزان رفع الغرر إلى يوم القيامة ، وعلى هذا لا تخصيص أصلا . ولكن لازم هذا رفع اليد عن الإجماع عند العلم بمخالفة عصر مع ذلك العصر لانكشاف خطأ الأمارة ، وهو غير مراد المجمعين ظاهرا ، فالظاهر كون العنوان على وجه الأصالة ولازمه التخصيص فيكون مواقع الشكّ ممّا شكّ في انطباق عنوان المخصّص عليه ، وقد عرفت عدم إمكان التمسّك بالعمومات فيه