وعلى الثاني أيضا إمّا يراد به المكيل بقول مطلق المتوقّف صدقه على توفق البلاد أو جلَّها على الكيل أو المكيل في الجملة ، فيوجب الكيل في البلد الواحد جريان الحكمين ، أعني : عدم صحّة الجزاف وعدم جواز التفاضل في معاملة المتجانسين منه في جميع البلاد إذ يختلف الحال بحسب كلّ بلد نظير عنوان ( المتعارف ) وعدم إمكان استفادة الترتيب المذكور بين المراتب الثلاث من العبارة في شيء من هذه التقادير في غاية الوضوح . وحينئذ فعمومات : « أَوْفُوا بِالْعُقُودِ » و : « تِجارَةً عَنْ تَراضٍ » ونحوهما هي المحكَّم في مورد الشكّ مضافا إلى أصالة عدم كونه مكيلا في عهد النبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم . لا يقال : إذا فرض أنّ العمومات قد خصّصت بما كان مكيلا أو موزونا في عهد النبي صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم فمورد الشكّ شبهة مصداقيّة لتلك العمومات . لأنّا نقول : نعم ولكنّ المخصّص لبّي ، فإنّ الإجماع لم ينعقد إلَّا على المضمون لا [ على ] صدور هذا اللفظ عن المعصوم - عليه السلام - مع أنّه على الثاني أيضا يمكن استكشاف حال المصداق بأصالة العموم فإنّه من المحتمل أن يكون المتكلَّم في قوله : « أَوْفُوا بِالْعُقُودِ » الغير الغرريّة لاحظ جميع الأفراد المتحقّقة إلى يوم القيامة فلم نعثر فيها على شيء كان مصداقا لعنوان المخصّص ، أعني : ما كان في عهد النبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم لعزّة وجوده مقدّرا ثمّ صار في ما بعد لكثرة الوجود يكتفي في رفع غرره بالعدّ أو المشاهدة . لا يقال : نعم ولكن لنا علم إجمالي بثبوت المخالفة بين الأعصار المتأخّرة وعصر النبي صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم في تلك الأشياء المختلفة في البلاد المختلفة ومقتضاه الاحتياط بمراعاة التقدير . لأنّا نقول أوّلا : نمنع هذا العلم ، لأنّه على فرض كون العبرة ببلد النبي صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم