قلت : لا فائدة في هذا الانصراف بعد ما ادّعينا من أنّ الحكم وارد مورد مقام آخر وأنّ الحصر إضافيّ بمعنى أنّها في مقام نفي المشاهدة ومثل البيع بالتقابل في الميزان ، وأمّا التقدير الخاص من بين التقادير فليس في الأخبار تعرّض للنفي والإثبات فيه ، وذلك لأنّ اعتبار الكيل والوزن من باب المفروغيّة عند المخاطبين في موارد الأخبار المتقدّمة ومواردها كانت بحيث لولا الكيل كانت المعاملة جزافيّة ، فالمفروغيّة إنّما هي في مقام أصل اعتبار التقدير في مقابل عدمه ، ولا يكفي انصراف الكيل في هذا المقام كما هو واضح . والحاصل : أنّ اعتبار الزائد على تقدير الماليّة بالنحو المتعارف في العرف - أعني : بانتهاء الأمر إلى الأشياء الصغار المشاهدة بالانقسامات العديدة إلى قسمين متساويين بحيث كان عدد تلك الأشياء الصغار مضبوطا معلوما - غير معلوم من الأخبار ، فتبقى العمومات سليمة عن المخصّص فيكفي كلّ من الكيل والوزن في مقام الآخر سواء المتعارف أم المصنوع المستحدث ، هذا . وقد فصل شيخنا المرتضى - قدّس سرّه - في المقام بعد ما قسم محلّ الكلام إلى أربعة أقسام : الأوّل : جعل الكيل أمارة على الوزن ، والثاني : جعل الوزن أمارة على الكيل ، والثالث : جعل الكيل أصلا برأسه في مقام الوزن ، والرابع : جعل الوزن كذلك في مقام الكيل ، فاختار الجواز في الأوّلين والأخير دون الثالث . أمّا الجواز في الأوّلين فلأنّ التفاوت المحتمل إمّا ممّا يتسامح به وإمّا لا يتسامح به ، فعلى الأوّل لم يخرج عن مدلول الأخبار ، إذ التقدير بالوزن أو بالكيل قد تحقّق غاية الأمر بطريقيّة واحد منهما للآخر كما لو أخبر من يعلم باخباره ، وعلى الثاني فكذلك أيضا ، لأنّ التفاوت وإن لم يكن يسيرا لكن احتماله موهوم لا يعتنيه العقلاء لأنّ الفرض كون كلّ أمارة عرفيّة على وجود الآخر ، فهذا أيضا غير خارج