ويمكن منع الأضبطيّة إلَّا في مقدار يتسامح به ، توضيح ذلك ، أنّ وجه رفع المجازفة بالوزن ليس إلَّا انضباطه وانقسامه إلى أجزاء متساوية بانقسامات عديدة حتّى ينتهي إلى الحمّصة والشعيرة ، فانتهاء الأمر فيه إلى المشاهدة لكن بعد مثل هذه المداقّة من التقسيم المنتهي إلى مثل الشعيرة ، فنقول : عين هذا المعنى جار في الكيل أيضا فإنّ وجه الاعتبار به ليس إلَّا أحد أمرين : إمّا كونه عبرة وطريقا إلى الوزن الخاص ، فيكون اعتباره من باب اعتبار الوزن ، وإمّا إجراء التقسيم المذكور في الوزن في نفس الكيل بأن نعتبر القصعة منقسمة إلى نصفي قصعة متساويين والنصف إلى فنجانين والفنجان إلى الاستكانين والاستكان إلى ضعفي ما يقال له بالفارسيّة « انگشتانه » . نعم قد يتخلَّف الكيل عن الوزن لكن مقدار التخلَّف قليل يتسامح به إلَّا أن يكون الجنس ممّا لا يتسامح به بهذا المقدار ، فليس عدم اعتبار الكيل حينئذ إلَّا مثل عدم اعتبار الميزان المعدّ للمنّ والمنّين في بعض الأشياء التي لا يتسامح فيها بالمقدار المتخلَّف من هذا الميزان ، فكما يعتبر فيه الميزان المثقالي يعتبر في الأوّل الوزن في قبال الكيل . ومن هنا يعرف أنّه لا عبرة بخصوص الوزن المتعارف والكيل المتعارف بل يجوز الاكتفاء بما يصنعانه ويخترعانه من الوزن والكيل لكن بالشرط الذي ذكرنا من انتهاء الأمر بالانقسامات العديدة إلى قسمين متساويين إلى الجزء الصغير من الوزن والكيل ، فيجوز لهما اختراع الوزن من العدسة على خلاف ما تعارف من اختراعه من الشعيرة . فإن قلت : إطلاق قولنا : المكيل والموزون يجب فيهما الكيل والوزن منصرف إلى المتعارف فما ذكرت من المخترع والمصنوع خارج عن مفاد الأخبار .