أعطنيه بكيلك ، فقال : إذا ائتمنك فلا بأس » [1] دلَّت على قيام إخبار البائع مقام الكيل في صورة كونه مؤتمنا عند المشتري ولو لم يحصل الوثوق الشخصي . ومنها : مرسلة ابن بكير عن رجل سأل أبا عبد اللَّه - عليه السلام - عن « الرجل يشتري الجصّ فيكيل بعضه ويأخذ البقيّة بغير كيل ؟ فقال - عليه السلام - : إمّا أن يأخذ كلَّه بتصديقه وإمّا أن يكيله كلَّه » [2] هذه أيضا في الدلالة على لزوم أحد الأمرين كالسابقة ، وأمّا الإشكال بأنّ المستفاد منه منع التبعيض ولا يلتزم به أحد ، فغير وارد ، لأنّ مفروض السؤال بحسب الظاهر استواء الحال في كلا البعضين من حيث حصول إخبار البائع في الكلّ أو عدم حصوله كذلك لبعد حصوله في البعض دون البعض ، أو حصوله في الكلّ ولكن لم يكن موثّقا عند إخباره بالبعض فصار كذلك عند إخباره بالبقيّة . وحاصل ما استفدناه من سليم الدلالة من هذه الأخبار في باب المكيل والموزون هو اعتبار عدم المجازفة وأنّه لا يكفي الخرص والتخمين والأخذ بالمساهلة ، وأمّا مثل ما مثّلنا لك سابقا من معاوضة الجنسين المتساويين في الميزان والماليّة وبيع ما علم فيه أحد الأمرين من القدر والوصف فلم يعلم ممنوعيّته من الأخبار . فإن قلت : فعلى هذا تكفي الصخرة المشاهدة الغير المعلوم وزنها ، إذ ليس مرجع الأوزان أيضا إلَّا إلى المشاهدة ، وإلَّا فليس المنّ بما هو إلَّا ما كان منقسما إلى نصفي منّ بالمشاهدة ونصف المنّ ما كان منقسما إلى ربعين كذلك وهكذا إلى أن ينتهي إلى المثقال والحمّصة والشعيرة ، والشعيرة أمر مشاهد .
[1] - الوسائل : ج 12 ، الباب 5 ، أبواب عقد البيع وشروطه ، ص 257 ، ح 6 . [2] - المصدر نفسه : ص 256 ، ح 3 .