سرّه - : ليس في المحكيّ عن النهاية منافاة لهذا التفسير كما يظهر بالتأمّل . قال شيخنا الأستاذ - دام أيّام إفاداته الشريفة - : إنّ من البعيد أن يكون لمادّة الغرر في هذه الهيئة معنى مغايرا لمعناها في سائر الهيئات ، فإذا رأينا أنّ معنى المادة في غيرها هو الغفلة والإغفال فمن القريب أن يكون التعبير بالخطر من باب أنّه غالبا مسبّب عن الغفلة ، فقد عبّروا بالمسبّب وأرادوا خصوصيّة السبب ودخالتها في المعنى أيضا وأهملوا ذكره للوضوح وإن كان يمكن فرض الانفكاك بأن يحصل الخطر ولا يكون ناشئا عن الغرور والغفلة كما هو الحال في الإقدام على القمار ، فإنّ المقدم مطَّلع على الحال ومع ذلك يقدم برجاء التفوّق وليس دخوله في هذا الأمر الخطري مسبّبا عن إغفال أحد أو غفلة نفسه ولكنّ الغالب في موارد الوقوع في الأعمال الخطريّة نشوؤها عن الغفلة وعدم اطَّلاع الحال . والحاصل : أنّ معنى الخطر هو تردّد الواقعة ومعرضيّتها لعدم الوصول إلى المهم وعدم طريق على الوصول ، فقد يكون السبب للإقدام هو الرجاء للوصول وقد يكون هو الإغفال وإراءة الوصول ، والغالب هو الثاني . فإن كان نظر من فسّره بالخطر إلى خصوص القسم الثاني ولم يتعرّض للخصوصيّة للغلبة ناسب مع معنى هذه المادّة في سائر هيئاتها ويكون تفسير النهاية باقيا على ظاهره من دخالة وصف الغرور في حقيقة المعنى . وإن كان نظره إلى مطلق الخطر ولو كان مسبّبا عن رجاء الواقع كما هو المتراءى من تمثيلهم له ببيع السمك في الماء والطير في الهواء ، فلا محالة تغاير مع معناها في سائر الهيئات ويكون وجه الجمع بينه وبين تفسير النهاية أنّه كان غرضه مجرّد ذكر السبب الغالبي من دون تعلَّق غرضه بجعله دخيلا في المعنى ، وحينئذ فلا وجه للجزم بشيء من الطرفين بل كما عرفت لعلّ الوجه الأوّل بملاحظة سائر