الرسالة وتبليغ أوامر الله تعالى كانت عين الإطاعة المعطوف عليها وهو خلاف الظاهر ، فلا بدّ من إرجاعها إلى الأمور الغير المرتبطة بالتبليغ والأحكام . نعم هذه الآية مختصّة بالتصرّفات العامّة التي هي شأن الرئيس ، وأمّا مثل جواز أخذ عباء زيد وداره وسائر التصرّفات الشخصيّة ، فيكفي في إثباتها قوله تعالى : « النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ » [1] يعني كلّ ما كان للمؤمنين الولاية عليه من النفس والعرض والمال فهو صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أولى بتلك الأمور من المؤمنين ، فإنّه له صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ولاية الإتلاف وليس لهم ذلك ، ومن هنا يظهر التمسّك بالأخبار . وأمّا الإجماع فغير خفيّ ، وأمّا العقل المستقل فهو ما دلّ على وجوب شكر المنعم وهم - عليهم السلام - وإن كانوا ليسوا منعمين ، بل الفيض والإعطاء كلَّه بيد الله - وما توهمه كلمات أهل المعقول من قاعدة إمكان الأشرف وسلسلة العقول على خلافه انعقدت ضرورة المتشرّعة وإجماعهم وأخبارهم - ولكن لا شبهة في كونهم عللا غائيّة في إعطاء الوجود وسائر النعم لأفراد الممكنات ممّن سواهم فتأمّل ، حيث إنّ غاية ما يثبت من هذا بالنسبة إلى الجواز والإباحة وأمّا حصول الوضع عقيب التصرّفات المعامليّة فلا . وأمّا الولاية بالمعنى الثاني فكلّ ما كان من شأن الرئيس فلا إشكال في اعتبار إذنهم بدلالة ما دلّ على رئاستهم وكونهم أولى الأمر ، نعم يقع الشك في بعض التصرّفات العامّة التي ليست من هذا القبيل ، وقد عرفت الأصل المرجوع إليه بعد اليأس من الدليل في مثلها ، وأنّه مقتض لولايتهم وضعا وتكليفا في الجملة .