وحينئذ فمن المقطوع أن ليس من ديدن أرباب الفتوى ذكر الفتوى الفعليّة بنحو الإطلاق وإحالة التقييد باب آخر ، فإنّ بناءهم على ملاحظة مدارك المسألة ثمّ ذكر ما يستفاد من مجموعها من مطلقها ومقيّدها . ألا ترى أنّه لم يذكر فقيه أنّ الماء طاهر لا ينجّسه غير التغيير بدون استثناء القليل إحالة فيه إلى ذكره في محلّ آخر ؟ بل يتصدّون أوّلا لتشقيق الماء إلى أقسامه ، ثمّ يذكرون حكم كلّ مستقلا ، وبالجملة ليست الطريقة المعمولة في الأخبار معمولة في الفتاوى ، فبعد حكمهم فعلا بالتخيير المذكور في جناية المملوك مع كون أمّ الولد نوعا شائعا منه وعدم التعرّض لاستثنائها شاهد قطعي على العموم . وأمّا الثانية : أعني الجناية الخطائية فالمشهور أنّ أمّ الولد فيها كسائر المماليك وحكم جنايتهم خطأ أنّ التخيير إلى المولى إن شاء يدفع المملوك أو مقدار الجناية إلى المجنيّ عليه ، وإن شاء يفديه ويخلص رقبته ، وقد اختلفوا في مقدار الفداء ، فقال المشهور : إنّه أقلّ الأمرين من قيمة المملوك وأرش الجناية ، وقال الشيخ - رحمه اللَّه - : إنّه الأرش ولو زاد على القيمة ، فالمشهور أنّ هذا الحكم بهذا الخلاف جار في أمّ الولد أيضا . قال شيخنا المرتضى - قدّس سرّه - بعد ذكر ذلك : وعن الخلاف والسرائر واستيلاد المبسوط أنّه لا خلاف في أنّ جنايتها يتعلَّق برقبتها ، والظاهر أنّه أراد - قدّس سرّه - تأييد المشهور فإنّ المراد بالتعلَّق برقبتها كون حقّ المجنيّ عليه متعلَّقا بعينها ، نظير تعلَّق حقّ الديّان بأعيان التركة ، غاية الأمر أنّ للمولى الفكّ بأداء الفداء ، وليس المراد أنّ الدية تتعلَّق بذمّة أمّ الولد تتبع بها بعد الحريّة حتّى يكون مراده - قدّس سرّه - بيان مخالف المشهور . والشاهد على إرادة المعنى الأوّل من العبارة ما حكي عن استيلاد المبسوط