وثانيا : الرواية ظاهرة في أنّ وجه هذا التفصيل الذي ذكره الإمام - عليه السلام - من أنّها تسعى في قيمتها إن كانت قادرة وإن كانت عاجزة فهي من أمّهات الأولاد ليس إلَّا الحمل فيعلم أنّه المعيار لمنع البيع . ثمّ بعد تبيّن أنّ الحمل كاف في المنع فهل معيار الحمل ماذا ومبدأ صدقه من أيّ زمان ؟ فإنّ هنا مراتب من الجنين والمضغة والعلقة والنطفة المستقرّة في الرحم والنطفة الغير المستقرّة وهي مختلفة في الوضوح والخفاء ، فالجنين معلوم الصدق والنطفة الغير المستقرّة معلوم العدم ، والظاهر صدق الحمل على المضغة . ويدلّ عليه مضافا إلى شهادة العرف حيث يسمّونها عند الإلقاء سقطا ، لأنّ معناه إسقاط الحمل ما ورد في باب عدّة الحامل من صحيحة ابن الحجّاج « عن أبي الحسن - عليه السلام - قال : سألته عن الحبلى إذا طلَّقها زوجها فوضعت سقطا تمّ أو لم يتمّ أو وضعته مضغة ؟ فقال - عليه السلام - : كلّ شيء يستبين أنّه حمل تمّ أو لم يتم فقد انقضت عدّتها ، وإن كان مضغة » [1] فإنّ الرواية في مقام التفسير لقوله تعالى : « وأُولاتُ الأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ » [2] وبعد ما استفدنا مفاد الحمل من الرواية نرتّب عليه جميع آثاره الشرعية ، نظير إذا ما ورد خبر الواحد بتفسير معنى الصعيد فإنّه يوجب ترتيب آثار الصعيد بلا شبهة ، وقيد الاستبانة ليس جزءا من الموضوع بأن يكون أوّل مراتب الحمل هو الاستبانة أعني الكون بحيث يفهمه كلّ أحد ويحكم بأنّه حمل ولا يكون ذلك مخصوصا بأهل الخبرويّة من القوابل وذلك لاستلزامه الدور لأنّ دخل الاستنابة في تحقّق متعلَّقها ، ومفهومه محال فهو مأخوذ طريقا محضا ، ووجه ذكره أنّ المقام مع الشك يكون من موارد استصحاب بقاء
[1] - الوسائل : ج 15 ، الباب 11 ، من أبواب العدد ، ص 421 ، ح 1 . [2] - الطلاق / 4 .