الربح ولا ثمر البدل ثمرا للأصل وإلَّا لجاز وقف النقود ، نعم عند العرف يعدّ ربح النقود مثلا فائدة ومنفعة لها ولكنّ التعبّد الشرعي على خلافه . فإن قلت : كيف يعدّ الربح منفعة ويجوز معاملة المنفعة معه بأن يتصرّف فيه الطبقة الموجودة وينتفعون به والحال أنّ قضيّة المبادلة مقابلة كلّ جزء من المبدل بالبدل وبالعكس ، فكما كان المبدل ملكا للموجودين وحقّا للآخرين كذلك البدل بجميع أجزائه فلا يصير الربح ملكا طلقا للموجودين ، حتّى أنّه لما لم يتصوّر في باب المبادلة غير ذلك نلتزم في باب المضاربة بأنّ الربح بتمامه ينتقل إلى المالك ثمّ مقدار الشرط يتلقّاه العامل من المالك لا أنّه من الابتداء ينتقل من المشتري إليه ؟ قلت : يمكن لرفع هذا المحذور العقلي الالتزام بأنّ الواقف قد جعل في إنشائه حقّ الآخرين ، بحيث بعد ما تعلَّق بتمام البدل قضيّة للمبادلة كان في مقدار الزائد عن القيمة الواقعيّة للمبدل ساقطا ويصير ذلك المقدار ملكا طلقا للموجودين . وبالجملة : هذا المعنى لا بأس في تصويره لكنّ الشرع منع منه ولم يجوّز هذا النحو من الوقف واعتبر تسبيل المنافع الحاصلة من نفس الأصل مع بقاء عينه ، وهذا يكشف عن أنّ حقيقة الوقف هو الحبس المطلق أو ملزوم له ، اللَّهم إلَّا أن يفرّق بين الابتداء والاستدامة ويقال : حيث إنّ الدليل على ذلك ليس إلَّا الإجماع فالمتيقّن منه الوقف الابتدائي ، ولكن يبعده أنّه إذا فرض أنّ حقيقة الوقف عند الشارع تسبيل المنفعة الحاصلة من شخص الأصل ، فمن البعيد أن يختلف ذلك في الابتداء والاستدامة .