هذا حال البيع ، وأمّا الوقف فبعد اشتراكه معه في قيديّة العنوان كما هو المفروض في هذا القسم يفترق معه في أنّ الدوام هنا أيضا جزء من المنشأ وداخل فيه ، فحال البقاء والحدوث كليهما هنا حال الحدوث وحده هناك ، فكما كان المعتبر ثبوت العنوان في مرحلة الحدوث فقط هنا - لأنّ المقدار الذي كان الأمر تابعا لإنشاء المنشئ إنّما هو الحدوث فقط - يكون المعتبر هنا ثبوته في كلتي مرحلتي الثبوت والبقاء ، لأنّ البقاء هنا أيضا كالحدوث تابع للإنشاء . فقول القائل : وقفت هذا البستان ، في هذا القسم ينحلّ إلى إنشاءات بعدد أجزاء الزمان كلّ منها معلَّق بعنوان البستانيّة ، نعم لو قيّد العنوان بالحاصل منه حال الإنشاء بأن قال : وقفت هذا البستان ، أعني : المتّصف بالبستانيّة حال الوقف وسبّلت منفعته دائما ، فتغيير العنوان لا يضرّ ، لأنّ عنوان البقاء أيضا هو العنوان الحدوثي . وأمّا لو جعل الوقف والدوام على موضوع البستان فالمعتبر بقاء البستانيّة في جميع الأزمان ، ولا فرق في ذلك بين اعتبار الدوام قيدا للربط أو للحبس الذي هو المربوط ، أعني قال : جعلت البستان دائما حبسا ، أو قال : جعلته حبسا مخلَّدا دائميّا . أمّا الأوّل فواضح ، وأمّا الثاني فلأنّه مثل قولنا : الضرب الدائمي أو المغيّى بعشرة أيّام لهذا العالم واجب على وجه كانت العالميّة قيدا ، فكما لا شبهة أنّ الحكم الإيجابي يزول بزوال العالميّة في أثناء المدّة فكذلك قولنا : الحبس الدائمي جعلته وأنشأته في هذه الأرض معلَّقا بعنوان البستان .