فصل هل تقليد الأعلم واجب أو لا ؟ والكلام هنا في مقامين : الأوّل : هل قول المفضول مع وجود الفاضل غير معتبر وحاله كالعامي في عدم تحقّق مناط الحجيّة فيه رأسا ، أو ليس كذلك ، بل الحجيّة الذاتيّة فيه محفوظة ؟ فعلى الأوّل لو احتمل وجود التفاضل بين العلماء وجب عليه الفحص لتمييز الحجّة عن اللا حجّة ، والمقام الثاني : بعد إحراز الحجيّة الذاتيّة فمع معلوميّة اختلافهما في الرأي هل التكليف التخيير أو تعيين الفاضل ؟ فاعلم أوّلا أنّ المقلَّد لو اتّضح عليه بحسب فطرته تساويهما فلا كلام وليس الحال هنا كالمسألة السابقة عند أداء فطرة العامي إلى استواء الحيّ والميّت ، والفرق أنّه في تلك المسألة ورد الردع الشرعي فكان اللازم ردعه ، وأمّا هنا فلم يرد ردع ، بل إمّا ما ورد مهمل وإمّا مطلق ، وإن شكّ وتردّد بحسب فطرته فمرجعه في إزالة هذه الشبهة لا محالة هو الفاضل ؛ إذ تقليد المفضول في مسألة تقليد المفضول دوري . ثمّ الفاضل ينظر فيما هو مقتضى الأدلَّة ، وليس في هذا الباب كالباب المتقدّم استصحاب إلَّا في بعض الفروض النادرة ، كما لو انحصر المجتهد في زمان في شخص فقلَّده العامي ثمّ وجد من هو دونه في العلم ، فربّما يقال : إنّ استصحاب الحجيّة التّعيينية في حق الفاضل هنا جار ويتمّ في غيره بعدم الفصل ، وفيه مضافا إلى ما في التمسّك بعدم الفصل هنا من الوهن أنّه منقوض بالمثل ، كما إذا قلَّد عن أحد المتساويين ثمّ صار الآخر أعلم فالعمدة هو النظر فيما هو قضيّة الأدلَّة في المقامين المتقدمين .