فصل هل التجزّي في الاجتهاد ممكن أولا ؟ وعلى فرض إمكانه هل تشمله أدلَّة اتباع نفسه واتّباع غيره وأدلَّة الحكومة أولا ؟ فهنا مقامان : الأوّل : في إمكانه وهو من البديهيّات فإنّ غاية ما يستند إليه في امتناعه أنّ أبواب الفقه متداخلة فربّ شيء يكون مدركا لفرع من باب الصلاة مثلا مذكورا في باب آخر ، وهكذا فما دام لم يحصل الإحاطة والقوّة المستنبطة في جميع الأبواب لا يحصل الوثوق بالإحاطة على مدارك مسألة واحدة ، وأنّ الملكة أمر وجدانيّ بسيط وليس مركَّبا ذا أجزاء حتى تقبل التجزئة ، وكلا الأمرين واضح الفساد . أمّا الأوّل : فلأنّ أبواب الفقه صارت مبوّبة واجتمع مدارك كلّ باب فيه ، بحيث يحصل الاطمئنان بعدم وجود المدرك لما في باب في باب آخر أجنبيّ ، فلا يحتاج الاجتهاد في واحد من الأبواب عليه في سائر الأبواب . وكذلك لا نقول بتركيب الملكة بل بساطتها ، ولكنّها ذات مراتب ولها شدّة وضعف مثل سائر الملكات ، والمسائل أيضا مختلفة مدركا ، والمدارك سهولة وصعوبة عقليّة ونقليّة ، فصاحب الملكة الضعيفة مقتدر على استنباط المسألة السهلة المدرك غير مقتدر على الصعبة ، والمقتدر على الصعبة غير مقتدر على الأصعب ، وهكذا إلى أن يصل إلى القوّة القويّة المطلقة الموجبة للاقتدار على جميع الأبواب وكلّ الصعاب . المقام الثاني : أمّا جواز اتّباع نفسه فليس هو إلَّا مسألة حجيّة القطع وقد