وإن كان من العمومات ومنها ما ذكره في لك قائلا ولأن اليمين ايقاع وهو لا يقع موقوفا وفيما ذكره نظر وللأخرين وجهان أحدهما ما ذكره في لك قائلا احتج الأكثر بان البطلان انّما كان لحقّ أحد الثّلثة فاذنه ليس سببا في الصّحة ولا عدم اذنه مانعا وانّما المانع في الحقيقة نفيه ص ثمّ أجاب عنه قائلا واما دعوى كون الاذن ليس سببا في الصّحة ولا عدم الأذن مانعا فهو مصادرة محضة فان الخصم يقول ارادته شرط أو سبب أو ان عدم اذنه مانع لا لنهيه وثانيهما ما ذكره في لك أيضا قائلا احتجوا على ذلك بعموم الأيات الدّالة على وجوب الوفاء باليمين كقوله تعالى : « ولا تَنْقُضُوا الأَيْمانَ » وقوله تعالى : « ولكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الأَيْمانَ » إلى قوله تعالى : « ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ » وقوله تعالى : « واحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ » وهذه الأيات تعم صورة النزاع خرج منها ما إذا حلّ الأب والمولى والزّوج فيبقى الباقي ثم أجاب عنها قائلا والجواب عن الأيات المذكورة ان الأمر بامتثال مقتضى اليمين وحفظها موقوف على وقوعها صحيحة اجماعا وهو عين المتنازع ونحن نمنع وقوعها فضلا عن عقدها وتوكيدها فلا يدلّ على مطلوبهم ويعضد ما ذكره ما نبّه عليه في الرّياض أيضا قائلا واحتج لهذا القول كالتنقيح بالعمومات الدّالة على وجوب الوفاء باليمين ويضعف باختصاصها اجماعا بالايمان الصّحيحة وكون اليمين في المسئلة منها اوّل الكلام ودعواه مصادرة وعلى تقدير تسليمها تخصصها بالمعتبرين الظَّاهرين في نفى الصّحة مفهوما وسياقا وطرحهما والاقتصار في التخصيص على المتيقن منه بالإجماع وهو صورة المنع لا عدم الأذن لا وجه له أصلا الَّا على تقدير عدم العمل باخبار الأحاد أو عدم تخصيص العمومات القطعية بها أو قصور الخبرين بضعف ثانيهما ووجود إبراهيم بن هاشم في اوّلهما ولم يصرح بتوثيقه بل حسن وليس بحجة ويضعف الجميع لحجّية الأحاد المعتبرة الأسناد وجواز التخصيص للقطعيان بها كما برهن في محلَّهما ووثاقة إبراهيم على الرأي الصّحيح مع انّ الخبر الذّى هو حسن به مروى في الفقيه بطريق صحيح وبالجملة فلا ريب في ضعف هذا القول وإن كان للأكثر وقد يناقش فيما ذكراه امّا اوّلا فبان مقتضى العمومات المذكورة لغة وعرفا صحة كل يمين حتى ما ثبت فساده شرعا ولكن هذا خرج منها بالدّليل القاطع وهو مفقود بالنّسبة إلى محل البحث فيبقى مندرجا تحتها فيجب العمل بها بالنسبة إليه بناء على المختار الَّذى ذهب إليه معظم المحققين من الأصوليّين من انّ العام المخصص حجة في الباقي وعلى هذا يلزم الحكم بالصّحة هنا لوجود مقتضيها ولو لا ما ذكرناه من القاعدة لما صحّ التمسّك بالعمومات الآمرة بالصّلوة وغيرها من سائر العبادات ولا بعموم قوله تعالى : « أَوْفُوا بِالْعُقُودِ » على صحة المشكوك فيه من عبادة أو معاملة وهو باطل جدا ولا يلتزمان به قطعا وبالجملة ما ذكراه من المناقشة مع فسادها في نفسها كما لا يخفى لو تم للزم سقوط التمسّك بكثير من العمومات الشّرعية وذلك معلوم البطلان اللَّهم الَّا ان يقال ان هذه العمومات قد ثبت تخصيصها بالقسم الصّحيح لا ما لم يعلم فساده فيتجه ما ذكراه ولكن هذا مجازفة صرفة وتحكَّم بارد وامّا ثانيا فللمنع من جواز تخصيص تلك العمومات بالخبرين المذكورين لأنّ التخصيص انما يتجه إذا كان التعارض بينهما من قبيل تعارض العام والخاص المطلقين وكان ما ذكر من الخبرين أخص عن تلك العمومات مطلقا وهو ممنوع وإن كان المتراءى في بادي النظر ذلك وذلك لأنّ التّعارض بينهما بعد تخصيص تلك العمومات بغير صورة المنع وتخصيص الخبرين بغير صورة الأذن يكون من قبيل تعارض العمومين من وجه كما لا يخفى ومن الظاهر انّ الترجيح مع العمومات لاعتضادها بالشهرة وكونها من كتاب اللَّه تعالى القطعي وكونها أكثر عددا وقد يقال انّ الترجيح مع الخبرين المذكورين إذ قبل ملاحظة التّاويل في كلّ من المتعارضين يكون التّعارض بينهما من قبيل تعارض العام والخاص المطلقين كما لا يخفى فينبغي ان يرجح الخاص المطلق على ما يستفاد من سيرة الأصحاب في هذا الباب ومع ذلك فعموم الخبرين من عموم النكرة في سياق النّفى وهو أقوى من عموم المعارض لهما المستفاد من الاطلاق جدا والقوة منشأ الترجيح ومع ذلك كلَّه لا نسلم اعتضاد تلك العمومات بالشّهرة لعدم ثبوتها وان ادعيت خصوصا مع ظهور صدر عبارة يع وفع والسّرائر في القول الأوّل كما أشار إليه في لك قائلا واعلم انّ العبادة لا تخلو عن تسامح لأنه حكم أولا بعدم انعقاد اليمين من أحد الثلاثة بدون الاذن ومقتضاه انه منحل لأنّه ضد العقل ثم قّال انّه لو فعل قبل الأذن فلهم حلَّها وهو يقتضى انعقادها لأنّ الحل لا يكون الَّا للعقد وكانّه أراد لا ينعقد انعقادا تاما بل متوقفا على الأذن ومن ثم كان الاذن اللاحق بعده مصححا لها فلو كانت منحلة لم يؤثر فيها الأذن بعدها فاذن يلزم العمل بالخبرين المتقدّمين دون العمومات المتقدّمة خصوصا مع المنع من صلاحيتها لمعارضة ذينك الخبرين وذلك لان ظاهرها من لزوم الوفاء بكلّ يمين في كل حال لا يجوز المصير إليه لما عرفت سابقا فيجب ارتكاب التّاويل فيها وهو يمكن بأمرين أحدهما تخصيص يمين الثلاثة من لفظ الايمان فلا يكون دالة على القول الثاني أصلا وثانيهما تخصيص اطلاق الامر بالوفاء باليمين بغير صورة المنع فيها فيكون دالة عليه فيدور الأمر بين التخصيص والتقييد وحيث لا ترجيح يلزم التوقف ومعه يبقى عموم الخبرين سليما عن المعارض فيجب العمل به في محلّ البحث اللهم الا ان يقال ارتكاب التقييد أهون من ارتكاب التخصيص لأنه مجاز بناء على انّ العام المخصص بالمنفصل مجاز بخلاف التقييد فإنّه قد لا يكون مجازا وذلك فيما إذا أريد الخصوصيّة من الخارج لا من نفس اللفظ فيكون أهون وفيه نظر اما أولا فللمنع من الأهونية وامّا ثانيا فلان ارتكاب التقييد في العمومات يستلزم ارتكاب التقييد في الخبرين أيضا لكن باعتبار اخر كما لا يخفى ولا نسلم ان التخصيص مرجوح بالنسبة إلى التقييدين وان سلمنا مرجوحيته بالنسبة إلى تقييد واحد بل قد يدعى ان تخصيصا واحدا أولى من تقييدين ولئن سلَّمنا التساوي فينبغي التوقف ومعه تبقى الأصل سليما عن المعارض فتامّل والمسئلة محلّ اشكال فلا ينبغي فيها ترك الاحتياط بمراعاة القول الثاني ولكن القول الأول هو الأقرب وينبغي التنبيه على أمور الأوّل لا اشكال في صحة يمين الولد والزوجة والعبد إذا اذن بها قبلها الوالد والزّوج والمولى بل الظاهر انه ممّا لا خلاف فيه وقد صرّح بدعوى الاجماع عليه في عد قائلا ولو اذن أحدهم في اليمين انعقدت اجماعا ثم قال ولم يجز لهم بعد الأذن المنع من الإتيان بمقتضاها وهو جيد ونبّه على وجهه في الكشف بقوله لان حكمها ثبت لها مع الأذن لتحقّق الشّرط وانتفاء المانع فيستصحب ولو اذنوا ثم منعوا قبل ايقاعها فالظاهر انّ المعتبر المنع لا الأذن السابق وإذا تعقّب المنع اذن ثان اعتبر وبالجملة المعتبر ما يقع قبلها من الاذن والمنع إذا لم يتعقبها مناف وهل يشترط في الأذن اللَّفظ أو لا الأقرب الثّاني فيكفي الفعل ولا يشترط في الاذن