الجايزة على ما قيل فتزداد الكثرة وتخصيص العام إلى الأقل من النّصف غير جايز عند جماعة من الاصوليّين ولو سلَّم جوازه فلا اشكال في مرجوحيته بالنسبة إلى ساير التأويلات من المجاز والاضمار والفسخ فليس كل تخصيص أولى من المجاز وان اطلق أولويته القائلون بها لانّها ليست على جهة التعبد المحض كطهارة الماء ونجاسة البول بل لأجل علَّة هي غير حاصلة في هذا النوع من التخصيص وهى الاغلبيّة إذ من الظ ان جميع افراد المجاز أغلب منه هذا وقد يدّعى انّ أحسن ما يؤل به الآية الشريفة حمل العقود على العقود المشروعة فيكون المقص ح بيان اصالة اللزوم في العقود بل قد يدعى انّ هذا المعنى هو المتبادر من الآية الشريفة كما ان المتبادر من قوله تعالى : « حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ » الصّلوات المشروعة ولا يلزم على هذا تخصيص العام إلى الأقلّ من النّصف فيكون أولى من ساير التأويلات ان قلنا بكونه تأويلا بناء على رجحان التخصيص عليها كما هو المختار ولعلَّه لذا لم يستدلّ معظم الأصحاب في مسائل الوقف وغيره من ساير المعاملات من البيع والصّلح وغيرهما بهذه الآية الشريفة بل شاع تمسّك كثير منهم كالشيخ وابن زهرة وابن إدريس والعلَّامة والمحقق الثاني والشهيد الثاني في مقام الشك في توقف صحة المعاملات على شيء بقاعدة الاحتياط واصالة الفساد وممّن منع من دلالة الآية الشريفة على اصالة الصّحة في المعاملات والدي العلامة قدّس سرّه وبعض المحقّقين من المعاصرين وقد تكلمت في دلالة الآية الشريفة عليها في كتابي الوسائل والمفاتيح ممّا لا مزيد عليه ومنها ان المراد بالعقود في الآية الشريفة العهود لخبر عبد اللَّه بن سنان المروى عن تفسير علي بن إبراهيم الموصوف في كلام بعض الاجلة بالصّحة عن مولانا الصّ ع قوله تعالى : « أَوْفُوا بِالْعُقُودِ » اي بالعهود ويؤيّده ما عن مجمع البيان من ان العقود جمع عقد بمعنى العهد وهو اوكد العهود وان الفرق بين العهد والعقد ان العقد فيه معنى الاستيناف والشد ولا يكون الا من متعاقدين والعهد قد ينفرد به الواحد فكل عهد عقد وما عن الكشاف من ان العقد العهد الموثق شبه بعقد الحبل ولا شكّ ان لفظ العهد لا يطلق عرفا على عقود المعاملات من البيع والصّلح والوقف وغيرها حقيقة لصحّة السّلب وعدم التبادر وتبادر الغير وغير ذلك من امارات الحقيقة والمجاز واصالة عدم النقل يقتضى أن يكون لغة كك سلمنا النقل والمغايرة بين العرف واللَّغة ولكن لا نسلم تقدّم اللغة على العرف العام الثابت في هذا المقام قطعا ومنها ان المراد بالعقود عقود الخلافة لعلىّ ع للمروى عن تفسير علي بن إبراهيم عن ابن أبى عمير عن أبى جعفر الثّاني ع في قوله تعالى : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ » قال ان رسول اللَّه ص عقد عليهم لعلي ع بالخلافة في عشرة مواطن ثم انزل اللَّه تعالى : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ » التي عقدت لأمير المؤمنين ع وأجيب عنه بضعف السّند باشتماله على المعلي بن محمّد البصري الذي حكى عن النجاشي التّصريح بأنه مضطرب الحديث والمذهب ومنها ان الآية الشّريفة على تقدير تسليم إفادتها للعموم وصلاحيّتها للتمسّك ينافي هذا المقام كما تدلّ على صحّة هذا الوقف المفروض كذا تدل على صحّة بيعه وهبته ورهنه والصلح عليه ووقفه على امر اخر ثانيا لأنه يصدق على كلّ منها انّه عقد صدقا حقيقيّا فيندرج تحت العموم المذكور فيجب الحكم بصحّته ومن الظ ان صحّته يستلزم بطلان الوقف الأول المفروض كما ان صحّته يستلزم بطلان ما ذكر لاستحالة صحتهما معا في آن واحد فيجب ح اخراج أحدهما من عموم الأية الشّريفة ولا دليل على الترجيح ومجرّد تقدم وجود الوقف المفروض على كل واحد من العقود المذكورة لا يصير سببا بالضرورة لان العام شموله لافراده الموجودة والتي توجد دفع وإن كانت الافراد مندرجة في الوجود فإذا يجب التوقف ومعه يسقط الاستدلال بالآية الشريفة على المدعى كما لا يخفى على ان اخراج الوقف المفروض عن العموم أولى لأن المعظم على خروجه منها والشّهرة ان لم تكن حجة فلا اشكال في صلاحيّتها للترجيح مضافا إلى أن خروج جميع العقود المذكورة يوجب زيادة ارتكاب التخصيص ولا كك خروج خصوص الوقف المفروض فإنه لا يوجب الَّا تخصيصا واحدا ومن الظ ان ارتكاب القليل من التّخصيص أولى من ارتكاب كثيره فت ومنها ان الآية الشريفة على تقدير تسليم عمومها وصلاحية الاستدلال بها على مدّعى الخصم يجب تخصيصها بما سيأتي من أدلة القول الثاني وهى وإن كانت من اخبار الآحاد ولكن يجوز تخصيص عموم الكتاب خصوصا مثل هذا العموم باخبار الآحاد الجامعة لشرائط الحجيّة خصوصا إذا اعتضدت بالشهرة العظيمة التي لا يبعد معها دعوى شذوذ المخالف وثالثها ما تمسّك به بعض المعاصرين أيضاً من خبر محمد بن الحلبي الذي رواه عن الكافي ووصفه بالصّحة قال كتب بعض أصحابنا إلى أبى محمد ع في الوقوف وما روى فيها فوقع ع الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها ولا يخفى ان الحديث على النحو المسطور وإن كان من المكاتبة لكن المخبر كتابة المعصوم ع للجواب ثقة فيكون الحديث صحيحا على ان المصرّح به في الفقيه ويب على ما قيل هو محمّد بن الحسن وهو ثقة فلا اشكال في سند الرواية الا على تقدير عدم حجيّة المكاتبة وهو خلاف التحقيق بل المعتمد حجيتها وامّا الدلالة فلان الوقف المفروض وقف حقيقة عرفا ولغة وشرعا فيجب امضائه على حسب ما يقفه الواقف لعموم الرّواية المستند إلى الجمع المعرف باللام الموضوع للعموم ومن الظ ان وجوب الامضاء لا يكون الا بعد فرض الصّحة إذ الفاسد لا يجب امضائه قطعا لا يق لا نم صدق لفظ الوقف حقيقة على الوقف قبل القبض وذلك امّا لما ذكره الشّهيد الثّاني من انّ القبض جزء السّبب التام أو لان لفظ الوقف من ألفاظ العبادات كلفظ الصّلوة لتوقف معناه على قصد القربة وقد ثبت ان ألفاظ العبادات وضعت للعمل الصحيح فالفاسد من المعاني المجازية فإذا شكّ في صحّة عمل وفساده كما في الوقف المفروض يحصل الشّكّ في صدق اللفظ عليه حقيقة فإذا حصل الشّكّ فيه حصل الشّك في صغرى القياس فلا يكون منتجا وذلك واضح لأنا نقول لا اشكال في صدق لفظ الوقف حقيقة في محل البحث لعدم صحة السّلب ولتبادر القدر المشترك وللاطراد ولصحّة التقسيم ولحسن الاستفهام ولصحّة الاستثناء ولصحّة التقييد بالقيدين المختلفين وللاستعمال مع وجود القدر المشترك ولتصريح الأصحاب بان القبض شرط ومن الظ ان شرط الشيء خارج عن حقيقته كما ان الوضوء خارج عن حقيقة الصّلوة ولتصريح كثير من الأصحاب في تعريف الوقف كالشّيخ في ط وابن حمزة في الوسيلة وابن إدريس في السرائر والمحقق في فع