أعلمية أحدهما كما هو الغالب فإنّ الملاك في وجوب تقليد الأعلم في كلّ مسألةٍ ، مسألةٌ على حدة ، وإحراز الأعلم في كلّ مسألةٍ مسألةٍ بالنسبة إلى جميع العلماء في غاية الصعوبة ، بل من المستحيل عادةً . مضافاً إلى شمول قوله ( عليه السّلام ) : « من كان من الفقهاء صائناً لنفسه . . فللعوامّ أن يقلَّدوه » على المتخالفين في الرأي ، ولا محذور فيه لكون مدلول قوله ( عليه السّلام ) : « فللعوامّ أن يقلَّدوه » تجويز التقليد ، وتجويز تقليد أحد المتخالفين في الفتوى لا ينافي تجويز تقليد الآخر ، والمنافاة إنّما هي فيما لو كان مدلوله الإلزام فإنّ الإلزام بتقليد أحد المتخالفين ينافي الإلزام بتقليد الآخر . وأمّا ضعف سند الحديث فهو منجبر بعمل الأصحاب فإنّ الدليل الوحيد على اعتبار العدالة في المقلَّد هو هذا الحديث . كما أنّ قوله في الحديثين المتعارضين « بأيّهما أخذت من باب التسليم وسعك » [1] يشمله بملاكه . ( مسألة 5 ) قوله : وإذا كان أحدهما المعيّن أورع أو أعدل فالأولى الأحوط اختياره . أقول : لكون الدليل على التخيير في التقليد عند الاختلاف في الفتوى من المتساويين في العلم هو الإجماع ، وإلَّا فمقتضى بناء العقلاء سقوط كلا الفتويين عن الاعتبار لأجل التعارض . ولمّا كان المتعيّن عند جماعة تقديم الأورع لم يتحقّق إجماع على التخيير عند كون أحدهما أورع . فلا بدّ من تقليد الأورع لكونه مجزئاً إجماعاً ، ولا دليل على حجّية قول غير الأورع ، كما هو مقتضى قاعدة دوران الأمر بين التعيين والتخيير أيضاً .
[1] وسائل الشيعة 27 : 112 ، كتاب القضاء ، أبواب صفات القاضي ، الباب 9 ، الحديث 19 .