فحينئذٍ : يجب ترجيح غيره عليه في التقليد لكون المناط أقربية احتمال مطابقة الفتوى للواقع . وذلك قد تكون لأجل كون من صدر عنه أعلم من غيره ، وقد تكون لأجل كونه مطابقاً لفتوى جماعة كثيرة توجب كثرتهم المظنّة بعدم خطأهم . فلا بدّ للخُبرة من ملاحظة كلتا الجهتين في تعيين الأعلم ، وعدم الإرجاع إلى من يعتقد أعلميته عن كلّ واحد واحد ممّن سواه بمجرّد ذلك . إلَّا إذا لم يكن اتّفاق غيره على مخالفته في الفتوى موجباً لوهن احتمال مطابقة فتواه للواقع بأن يكون بينه وبينهم اختلاف الرتبة في العلم بمراتب كثيرة ، أو كان عنده قرائن أُخرى على إصابته دونهم . ( مسألة 5 ) قوله : ويجب الفحص عنه . أقول : لكون أدلَّة جواز التقليد في لسان الشرع واردة في مقام إمضاء بناء العقلاء وعدم كونها تأسيسية . فالحجّة ما جرت عليه بناء العقلاء وهو الرجوع إلى أحد الخبرتين بعد الفحص عن الأعلم منهما عند اختلافهما في الفتوى . ( مسألة 5 ) قوله : وإذا تساوى المجتهدان في العلم . . تخيّر بينهما . أقول : أمّا في الفتاوى المتّفق عليها بينهما فيجوز تقليد أيّهما شاء حتّى في صورة كون أحدهما أعلم من الآخر ، فضلًا عن التساوي . وأمّا في الفتاوى المختلف فيها بينهما فقد حكم بعض الأعاظم ( قدّس سرّه ) بوجوب الاحتياط في هذه المسألة . ومبناه في وجوب الاحتياط عند اختلاف الفتوى في هذه المسألة وكذا مسألة 12 و 21 و 23 و 38 و 65 عدم شمول أدلَّة جواز التقليد من النصوص ، وبناء العقلاء على صورة الاختلاف فإنّ إطلاق الأدلَّة لا يشمل فردين ينافي شموله على أحدهما شموله على الآخر . أقول : الدليل على جواز التقليد حينئذٍ هو السيرة القطعية بين المتشرّعة على جواز التقليد في صورة الاختلاف بين المتساويين في العلم ، أو عدم ثبوت