الشرعية التي يجب تفتيشها على المكلَّف بنفسه ، أو بجعل فتوى من يقلَّده طريقاً إلى استكشافها . والحاصل : أنّ فتوى المقلَّد ليس طريقاً في قبال سائر الطرق والأمارات الشرعية ، بل في طولها . فهو في الحقيقة طريق إلى الطرق الشرعية الكاشفة عن الحكم الشرعي . وإن شئت قلت : إنّ مرجع التقليد إلى جعل استنباط الفقيه الحكم الشرعي من الأدلَّة والطرق بمنزلة استنباطه منها بنفسه واستنابته في ذلك . ويشهد على صدق ما ذكرنا : أنّ التقليد من الفقيه كان سائغاً في عصر الأئمّة ( عليهم السّلام ) ، كما تدلّ عليه النصوص ، فكيف ذلك في قبال فتوى الإمام ( عليه السّلام ) ؟ ! وهل كان فتوى غيره في قبال فتواه إلَّا كالهباء المنثور ؟ ! ووجهه ما ذكرنا من ملاحظة فتوى غيره في طول فتواه ( عليه السّلام ) . والتقليد لغيره إنّما هو في طريق معرفة فتواه ، وإن كان مخالفاً لظاهر كلامه ( عليه السّلام ) فإنّه قد يحتمل أن يريد منه خلاف ظاهره لأجل التقية وغيرها من الاحتمالات . وقد تحصّل ممّا ذكرنا : أنّ التقليد من فقيه لكون فتواه طريقاً إلى جميع الطرق إلى الحكم الشرعي وطريقاً إلى رجحان بعضها على بعض في كونه موصلًا إلى الواقع ، أو كون بعضها فاقداً للحجّية رأساً ، أو كان بحيث يبلغ مرتبة الحجّية إذا ضمّ بغيره ، أو موجباً لقوّة حديث وجابراً لضعفه ، أو كاشفاً عن دليل لم يصل إلينا ، أو غير ذلك ، ومن تلك الطرق فتوى الفقيه ممّن تقدّم ، أو فتوى المشهور منهم ، أو إجماعهم على فتوى . ثمّ إنّ الفقيه إذا كان أعلم لكن خالف سائر الفقهاء بأجمعهم وإن كانوا دونه في الرتبة إذا لوحظ كلّ واحد منفرداً قد تكون كثرة غيره وتفرّده على خلافهم موجباً للوهن في قوله بحيث كان احتمال مطابقة الواقع في قولهم أكثر من احتمال مطابقة قوله وحده للواقع .