أقول : وفي « العروة » : لا يجوز للإجماع المحكي ، حكاه غير واحد كما في « المستمسك » . وإلَّا فمقتضى إطلاق قوله : « فللعوامّ أن يقلَّدوه » في الحديث المعروف المتقدّم ذكره هو الجواز فإنّ مقتضاه تجويز تقليد كلّ فقيه واجد للصفات المذكورة فيه ، لا إلزامه حتّى ينافي جواز تقليد آخر في موارد اختلافهما في الفتوى . ولمّا كان التقليد هو العمل عن استناد إلى فتوى المجتهد فله أن يعمل بُرهة من الزمان عن استناد إلى مجتهد ، ثمّ يعمل مستنداً إلى فتوى آخر . وليس هو الالتزام حتّى يستمرّ بعد حدوثه . ( مسألة 5 ) قوله : يجب تقليد الأعلم مع الإمكان على الأحوط . أقول : بل الأقوى ، توضيح ذلك : أنّ الأخبار الدالَّة على جواز التقليد لا يزيد عن مجرّد تقرير بناء العقلاء على الرجوع إلى أهل الفنّ وإمضائه . وليس فيها ما يدلّ على تأسيس من الشرع في ذلك ، وإن كان بعضها مشتملًا على اعتبار قيد زائد فيما جرت عليه بناؤهم ، يرجع محصّله إلى ردع بناء العقلاء فيما كان فاقداً لذلك القيد . كلّ ذلك بعد شمول بنائهم على كلّ مورد . فلا دليل على جواز التقليد فيما لم يشمل عليه بناؤهم . ومن هذا القبيل إذا حصل الاطَّلاع باختلاف أهل الفنّ في مسألة على رأيين أو أكثر فقد جرت بناؤهم حينئذٍ على الرجوع إلى الأعلم منهم دون غيره . فالمريض إذا قال له طبيب : إنّ الغذاء الفلاني يضرّه ، وقال طبيب آخر لا يضرّه ، فإن اتّبع قول المجوّز وكان هو الأعلم من غيره فأكله فأضرّ به كان عند العقلاء معذوراً لا يلومونه على أكله . وأمّا إذا كان الآخر أعلم منه يذمّه العقلاء على ذلك . فقول غير الأعلم عند تعارضه مع قول الأعلم ساقط عن الحجّية عند العقلاء . والذي يقتضيه التحقيق : وجوب الرجوع إلى الأعلم والتقليد منه في المسائل التي حصل له الاطَّلاع بوجود الاختلاف فيها بينه وبين غيره . وأمّا في صورة عدم