يقولون قد أودى كثير بن أحمد * وذلك رزء في الأنام جليل فقلت دعوني والعلا نبكه معا * فمثل كثير في الأنام قليل وأبو تمام كساها ديباجة المجانسة بقوله بيض الصفائح لا سود الصحائف في * متونهن جلاء الشك والريب وما أحلى قول الأرجاني من قصيدة تعلق بين الهجر والوصل مهجتي * فلا أربي في الحب أقضي ولا نحبي فشد أزر المطابقة ببديع اللف والنشر وأهلها بغريب هذا المعنى بعدما سال رقة وعلق بخاطري من هذه القصيدة فلا تتعجب أنني عشت بعدهم * فإنهم روحي وقد سكنوا قلبي ومنها وحرف تجوب القاع والوهد والربا * كحرف مديم الجر والرفع والنصب نجائب يقدحن الحصى كل ليلة * كأن بأيديها مصابيح للركب ومن المطابقة باللف والنشر أيضا قول شيخ شيوخ حماة المحروسة إن قوما يلحون في حب ليلى * لا يكادون يفقهون حديثا سمعوا وصفها ولاموا عليها * أخذوا طيبا وردوا خبيثا ومثله قوله يخاطب العاذل أراك بخيلا بعوني فهبني * سكوتك عني إذا لم تعني ذممت الهوى ورجوت السلو * فأبكيت عيني وأضحكت سني ومثله قوله يا وجوها زانت سناها فروع * حالكات أغنتكم عن حلاكم لي من حسنكم نهار وليل * أنعم الله صبحكم ومساكم ومثله قوله من قصيدة توغل حرقتي أجرى دموعي * فقل ما شئت في دخل وخرج ومنه قول أبي حفص المطوعي في الباب أو ما ترى نور الخلاف كأنه * لما بدا للعين نور وفاق فالمطابقة هنا بزيادة التورية مع الاستعارة البديعة ويعجبني قوله بعد هذا البيت كأكف سنور ولكن نشره * يسعى بفأر المسك في الآفاق وأما سحر البلاغة هنا فقول القاضي الفاضل دام صاحي وداده عمر الدهر * جنينا لسكري النشوان أنظر أيها المتأمل ما أبدع ما أبرز المطابقة في حلل هاتين الاستعارتين الغريبتين وما ألطف ما أيد معنى المطابقة بقوله بعدها وبنات الصدور أوقع فيما * زعم المجد من بنات الدنان فالفاضل أبرز هذه المطابقة في حلل الاستعارة ولكن من أين للمستعير صحو الوداد ونشوة السكر سبحان المانح ما هذه إلا مواهب ربانية وأما الذين تقدم القول بالاقتداء برأيهم في هذا الفن فإنهم ما أبرزوها إلا في أشعار التورية فمن ذلك قول القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر في موصول وناطقة بالنفخ عن روح ربها * تعبر عما عندنا وتترجم سكتنا وقالت للقلوب فأطربت * فنحن سكوت والهوى يتكلم فإنه جمع بين التورية والتضمين والمطابقة وما أحلى قول الشيخ شرف الدين بن الفارض في المطابقة بالتورية في قوله أرج النسيم سرى من الزوراء * سحرا فأحيا ميت الأحياء ومثله قول الوداعي في قصيدة وهو في غاية الحسن يفتن بالفاتر من طرفه * وريقه البارد يا حار وما ألطف قول الشيخ شمس الدين الواسطي في دو بيت