responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب نویسنده : علي بن محمد الحموي ( ابن حجة الحموي )    جلد : 1  صفحه : 71


لا تعجبني يا سلم من رجل * ضحك المشيب برأسه فبكى فالضحك هنا من جهة المعنى ليس بضد البكاء لأنه كناية عن كثرة الشيب ولكنه من جهة اللفظ يوهم المطابقة ولهم الملحق بالطباق وهو راجع إلى الضدين كقوله تعالى أشداء على الكفار رحماء بينهم طابق الأشداء بالرحماء لأن الرحمة فيها معنى اللين ومثله قوله تعالى مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا فالمطابقة بين الغرق ودخول النار فإن من دخل النار احترق والاحتراق ضد الغرق ومنه قول الحماسي لهم جل مالي إن تتابع لي غنى * وإن قل مالي لا أكلفهم رفدا ففي قوله تتابع لي غنى معنى الكثرة وأما قول أبي الطيب لمن تطلب الدنيا إذا لم ترد بها * سرور محب أو إساءة مجرم فمتفق عليه أنه من الطباق الفاسد فإن المجرم ليس بضد للمحب بوجه ما وليس للمحب ضد غير المبغض انتهى وذكروا في آخر الباب طباق الترديد وهو أن ترد آخر الكلام المطابق على أوله فإن لم يكن الكلام مطابقا فهو من رد الإعجاز على الصدور ومنه قول الأعشى لا يرقع الناس ما أوهوا وإن جهدوا * طول الحياة ولا يوهون ما رقعوا وجل القصد في هذا الباب المطابقة في الحقيقة التي قررها ابن أبي الأصبع وتقدم ذلك في أول الباب مع الشواهد عليه ومثله قول بشار إذا أيقظتك حروب العدا * فنبه لها عمرا ثم نم ومن لطيف هذا الطباق ما أورده القاضي جلال الدين القزويني في إيضاحه على تلخيصه وهو قول القاضي الأرجاني ولقد نزلت من الملوك بماجد * فقر الرجال إليه مفتاح الغنى والذي أقوله إن المطابقة التي يأتي بها الناظم مجردة ليس تحتها كبير أمر ونهاية ذلك أن يطابق الضد بالضد وهو شيء سهل اللهم إلا أن تترشح بنوع من أنواع البديع يشاركه في البهجة والرونق كقوله تعالى تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب ففي العطف بقوله تعالى وترزق من تشاء بغير حساب دلالة على أن من قدر على تلك الأفعال العظيمة قدر على أن يرزق بغير حساب من شاء من عباده وهذه مبالغة التكميل المشحونة بقدرة الرب سبحانه وتعالى فانظر إلى عظم كلام الخالق هنا فقد اجتمع فيه المطابقة الحقيقية والعكس الذي لا يدرك لوجازته وبلاغته ومبالغة التكميل التي لا تليق بغير قدرته ومثل ذلك قول امرئ القيس مكر مفر مقبل مدبر معا * كجلمود صخر حطه السيل من عل فالمطابقة في الإقبال والإدبار ولكنه لما قال معا زادها تكميلا في غاية الكمال فإن المراد بها قرب الحركة في حالتي الإقبال والإدبار وحالتي الكر والفر فلو ترك المطابقة مجردة من هذا التكميل ما حصل لها هذه البهجة ولا هذا الموقع ثم إنه استطرد بعد تمام المطابقة وكمال التكميل إلى التشبيه على سبيل الاستطراد البديعي ولم يكن قد ضرب لأنواع البديع في بيوت العرب وتد ولا امتد له سبب وقد اشتمل بيت امرئ القيس على المطابقة والتكميل والاستطراد على طريقة فإن ابن المعتز قال هو أن يكون المتكلم في معنى فيخرج منه بطريق التشبيه إلى معنى آخر وممن كسا المطابقة ديباجة التورية أبو الطيب المتنبي حيث قال برغم شبيب فارق السيف كفه * وكانا على العلات يصطحبان كأن رقاب الناس قالت لسيفه * رفيقك قيسي وأنت يماني لعمري لقد رفع أبو الطيب قدر المطابقة وأزال حقارتها بمجاورة هذا النوع البديعي الذي عظم عند أهل الأدب قدرا ومثله قول الصاحب بن عباد في رثاء الوزير كثير بن أحمد

71

نام کتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب نویسنده : علي بن محمد الحموي ( ابن حجة الحموي )    جلد : 1  صفحه : 71
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست