responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب نویسنده : علي بن محمد الحموي ( ابن حجة الحموي )    جلد : 1  صفحه : 65


وبيت بديعيتي تغزلي وافتناني في شمائلهم * أضحى رثا لاصطباري بعد بعدهم والجمع في افتنان هذا البيت بين النسيب الخالص والتعزية وكل من الشطرين مستقل بمعناه هو جمع غريب والكناية عن موت الصبر بأن التغزل أضحى رثاء له من ألطف الكنايات ويؤيد ذلك قولي بعد بعدهم ذكر ابن أبي الأصبع في كتابه المسمى بتحرير التحبير نوعا يسمى التمريج لم ينظمه أصحاب البديعيات وهو قريب من الافتنان ولكن بينهما فرق دقيق لأن الافتنان لا يكون إلا بالجمع بين فنين من أغراض المتكلم كما تقدم والتمريج يخالف ذلك وهو الجمع بين الفنون والمعاني والله تعالى أعلم ذكر الاستدراك قالوا نرى لك لحما بعد فرقتنا * فقلت مستدركا لكن على وضم الاستدراك على قسمين قسم يتقدم الاستدراك فيه تقرير لما أخبر به المتكلم وتوكيد وقسم لا يتقدمه ذلك فمن أمثلة الأول قول القائل وإخوان تخذتهم دروعا * فكانوها ولكن وخلتهم سهاما صائبات * فكانوها ولكن في وقالوا قد صفت منا قلوب * لقد صدقوا ولكن من ودادي وقال ابن أبي الأصبع لم أسمع في هذا الباب أحسن من قول ابن دويدة المغربي يخاطب رجلا أودع بعض القضاة مالا فادعى القاضي ضياعه وهو إن قال قد ضاعت فيصدق أنها * ضاعت ولكن منك يعني لو تعي أو قال قد وقعت فيصدق أنها * وقعت ولكن منه أحسن موقع وممن تلطف في هذا الباب وأجاد للغاية القاضي الأرجاني بقوله غالطتني إذ كست جسمي ضنا * كسوة أعرت من اللحم العظاما ثم قالت أنت عندي في الهوى * مثل عيني صدقت لكن سقاما ولقد أحسن القائل في شكوى الزمان بقوله ولي فرس من نسل أعوج سابق * ولكن على قدر الشعير يحمحم وأقسم ما قصرت فيما يزيدني * علوا ولكن عند من أتقدم وهذه كلها شواهد القسم الأول من الاستدراك وأما شواهد القسم الثاني وهو الذي لا يتقدم الاستدراك فيه تقرير ولا توكيد مثل قول زهير أخو ثقة لا يهلك الخمر ماله * ولكنه قد يهلك المال نائله ومتى لم يكن في الاستدراك نكتة زائدة عن معنى الاستدراك لتدخله في أنواع البديع وإلا فلا يعد بديعا ولا يخفى على الذوق السليم ما في بيت زهير من الزيادة على معنى الاستدراك بقوله ولكنه قد يهلك المال نائله فإنه لو اقتصر على صدر البيت دل على أن ماله موفور وتلك صفة ذم فاستدرك ما يزيل هذا الاحتمال ويخلص الكلام للمدح المحض وإذا تأمل الذائق بيت الأرجاني متع ذوقه بحلاوة الأدب من قوله ثم قالت أنت عندي في الهوى * مثل عيني صدقت لكن سقاما فالنكتة الزائدة على معنى الاستدراك لا تخفى إلا على من حجب عن ذوق هذا العلم وهو من شواهد القسم الأول فإنه قرر ما أخبرت به من قولها أنت عندي في الهوى مثل عيني ثم أكد بقوله صدقت ثم نكت بالزيادة على معنى الاستدراك التنكيت الذي يتطفل النسيم على رقته ولولاه ما سكن هذا النوع بيتا بديعيا ولا تأهل بعد غربته وأصحاب البديعيات على هذا المنوال نسجوا وأداروا كؤوس السلافة على أهل الأذواق ومازجوها بلطف مزاجهم فامتزجوا والذي أقوله إن الشيخ صفي الدين حلا في هذا المنهل الصافي مورده وعلا في هذا السلك البديعي منظمه ومنضده وبيته

65

نام کتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب نویسنده : علي بن محمد الحموي ( ابن حجة الحموي )    جلد : 1  صفحه : 65
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست