تنقطع المادة في السير ومن ادعى أنه يأتي بدليل وبرهان فالمقياس بيننا والشقراء والميدان وقد رجح صاحب يتيمة الدهر شعراء الشام على شعراء العراق وقال إنهم حازوا قصبات السبق عليهم في حلبة السباق فإنهم قوم جبلت طباعهم على اللطافة وطبعت جبلتهم على الكيس والظرافة انتهى كلام الشيخ صلاح الدين الصفدي قلت واتصل هذا الحديث القديم بالشيخ جمال الدين بن نباتة فأينع فرعه النباتي بغصنه ووريقه واستعبد التورية والاستخدام في سوق رقية فمن استخداماته ما أرانا من استخدام البحتري عيب الوليد وقلنا بعده في استخدام أبي العلاء ليس على الأعمى حرج فإنه مشى على الحس في ظلمة التعقيد واستخدام الشيخ جمال الدين الموعود به قوله من قصيدة رائية امتدح بها النبي إذا لم تفض عيني العقيق فلا رأت * منازله بالقرب تبهي وتبهر وإن لم تواصل عادت السفح مقلتي * فلا عادها عيش بمغناه أخضر أنظر أيها المتأمل إلى حصة الاشتراك بين الاستخدامين وانسجام البيت الأول مع البيت الثاني وسيلان الرقة لذا القطر النباتي والتشبيب المرقص بالمنازل الحجازية والغزل الذي يليق أن تصدر به المدائح النبوية ولعمري إنه مشى على طريق صاحب الإيضاح فزاده إيضاحا ولو دعي إلى عروس الأفراح زاده أفراحا وهذه القصيدة التي ظفرت منها بهذين الاستخدامين محاسنها غرر في جباه القصائد ولأنواع البديع بها صلة ومن أبياتها عائد منها سقى الله أكناف الغضى سائل الحيا * وإن كنت أسقى أدمعا تتحدر وعيشا نضى عنه الزمان بياضه * وخلفه في الرأس يزهو ويزهر تغير ذاك اللون مع من أحبه * ومن ذا الذي يا عز لا يتغير وكان الصبا ليلا وكنت كحالم * فوا أسفي والشيب كالصبح يسفر يعللني تحت العمامة كتمه * فيعتاد قلبي حسرة حين أحسر وينكرني ليلى وما خلت أنه * إذا وضع المرء العمامة ينكر ومنها وغيداء أما جفنها فمؤنث * كليل وأما لحظها فمذكر يروقك جمع الحسن في لحظاتها * على أنه بالجفن جمع مكسر يشف وراء المشرفية خدها * كما شف من دون الزجاجة مسكر خليلي كم روض نزلت فناءه * وفيه ربيع للنزيل وجعفر وفارقتها والطير صافرة بها * وكم مثلها فارقتها وهي تصفر ومنها في وصف الناقة ورب طموح العزم أدماء جسرة * يظل بها عزمي على البيد يجسر طوت بذراعي وخدها شقة الفلا * وكف الثريا في دجى الليل يشبر ومد جناحي طلها ألف الضحى * فشدت كما شد النعام المنفر بصم الحصى ترمي الحداة كأنما * تغار على محبوبها حين يذكر إذا ما حروف العيس خطت بقفرة * غدت موضع العنوان والعيس أسطر فلله حرف لا ترام كأنها * لو شك السرى حرف لدى الشد مضمر وعارض الشيخ جمال الدين بن نباتة جماعة نسجوا على منواله في عصره لكن الذوق السليم يشهد أنهم كانوا خلاسة قطره وهذا الشرح هو جامعهم الكبير وإذا ذكرت فيه نظائرهم فاعلم أنه ليس له فيهم نظير نرجع إلى الاستخدام وشواهده وإيراد أبيات البديعيات فيه فبيت صفي الدين قوله من كل أبلج واري الزندي يوم قرى * مشمر عنه يوم الحرب مصطلم