responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب نویسنده : علي بن محمد الحموي ( ابن حجة الحموي )    جلد : 1  صفحه : 53


والاستخدام فإن المراد من التورية هو أحد المعنيين وفي الاستخدام كل من المعنيين مراد ونقل الشيخ صلاح الدين الصفدي في كتابه المسمى بفض الختام عن التورية والاستخدام ما يؤكد هذا فإنه قال المشترك إذا لزم استعماله في مفهوميه معا فهو الاستخدام وإن لزم في أحد مفهوميه في الظاهر مع لمح الآخر في الباطن فهو التورية ومنهم من قال الاستخدام عبارة عن أن يأتي المتكلم بلفظة مشتركة بين معنيين اشتراكا أصليا متوسطة بين قرينتين تستخدم كل قرينة منهما معنى من معنيي تلك اللفظة المشتركة وهذا مذهب ابن مالك وعلى كل تقدير فالطريقتان راجعتان إلى مقصود واحد وهو استعمال المعنيين بضمير وغير ضمير وأعظم الشواهد على طريقة ابن مالك ومن تبعه قوله تعالى لكل أجل كتاب يمحو الله ما يشاء ويثبت فإن لفظة كتاب يحتمل أن يراد بها الأجل المحتوم والكتاب المكتوب وقد توسطت بين لفظتي أجل ويمحو فاستخدمت أحد مفهوميها وهو الأمد بقرينة ذكر الأجل واستخدمت المفهوم الآخر وهو الكتاب المكتوب بقرينة يمحو ومنه قوله من القصيدة النباتية حويت ريقا نباتيا حلا فغدا * ينظم الدر عقدا من ثناياك فإن لفظة نباتي تحتمل الاشتراك بالنسبة إلى السكر وإلى ابن نباتة الشاعر وقد توسطت بين الريق وحلاوته وبين الدر والنظم والعقد فاستخدمت أحد مفهوميها وهو السكر النباتي بذكر الريق والحلاوة واستخدمت المفهوم الآخر وهو قول الشاعر النباتي بذكر النظم والدر والعقد وليس في جانب من المفهومين إشكال وأما شاهد الضمائر على طريق صاحب الإيضاح فجميع كتب المؤلفين لم يستشهدوا فيها على عود الضمير الواحد إلا بقول القائل إذا نزل السماء بأرض قوم * رعيناه وإن كانوا غضابا فلفظة السماء يراد بها المطر وهو أحد المعنيين والضمير في رعيناه يراد به المعنى الآخر وهو النبات وأما شاهد الضميرين فإنهم لم يخرجوا به عن قول البحتري وهو فسقى الغضى والساكنيه وإن هم * شبوه بين جوانحي وضلوعي فإن لفظة الغضى محتملة الموضع والشجر والسقيا صالحة لكل منهما فلما قال والساكنيه استعمل أحد معنيي اللفظة وهو الموضع بدلالة القرينة عليه ولما قال شبوه استعمل المعنى الآخر وهو الشجر بدلالة القرينة عليه انتهى والشيخ صفي الدين رحمه الله لم يستطرد في شرح بديعيته إلى غاية ذلك ولكن رأيته في شرحه قد أورد على بيت البحتري نقدا حسنا ليس فيه تحمل ولا إشكال فإنه قال شرط علماء البديع أن يكون اشتراك لفظة الاستخدام اشتراكا أصليا والنظر هنا في اشتراك لفظة الغضى فإنه ليس بأصلي لأن أحد المعنيين منقول من الآخر والغضى في الحقيقة الشجر وسموا الوادي غضى لكثرة نبته فيه وقالوا جمر الغضى لقوة ناره فكل منقول من أصل واحد ولم يرد في كتب المؤلفين غير هذين البيتين وقول أبي العلاء قصد الدهر من أبي حمزة الأواب * مولى حجى وخدن اقتصاد وفقيها أفكاره شدن للنعمان * ما لم يشده شعر زياد فالنعمان يحتمل هنا أبا حنيفة رضي الله عنه ويحتمل النعمان بن المنذر ملك الحيرة فإن الزمخشري صنف كتابا في مناقب أبي حنيفة سماه شقائق النعمان في حقائق النعمان وأما أبو العلاء فإنه أراد بلفظ النعمان أبا حنيفة وأراد بالضمير المحذوف ابن المنذر ملك الحيرة وزياد هنا هو النابغة وكان معروفا بمدح النعمان بن المنذر وهذا يصح على طريقة ابن مالك فإن فقيها يخدم أبا حنيفة وشعر زياد يخدم النعمان بن المنذر ولا يصح على مذهب صاحب الإيضاح فإن ضمير يشده لم يعد على واحد منهما لأن شرط الضمير في الاستخدام أن يكون عائدا على اللفظة المشتركة ليستخدم بها معناها الآخر كما قال البحتري في شبوه فهذا الضمير عائد على الغضى وهذا جعل الضمير في يشده غير عائد على اللفظة المشتركة التي هي النعمان فصار طيب الذكر الذي يشيده زياد لا يعلم لمن هو لأن الضمير

53

نام کتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب نویسنده : علي بن محمد الحموي ( ابن حجة الحموي )    جلد : 1  صفحه : 53
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست