وتحريك الوتر وقرعنا سن جبلها بنابات المداقع وكسرنا منه السنية وأمست حلق مراميها كالخواتم في أصابع سهامنا المستوية ومثله قولي عند حصار قلعة كختار وفتحها على لسان حال القلعة في سموها وإفراط علوها فأنا الهيكل الذي ذاب قلب الأصيل على تذهيبه وود دينار الشمس أن يكون من تعاويذه والشجرة التي لولا سمو فرعها تفكهت به حبات الثريا وانتظمت في سلك عناقيده وتشامخ هذا الحصن ورفع أنف جبله وتشامم فأرمدنا عيون مراميه بدم القوم وأميال سهامنا على تكحيلها تتزاحم وغاية الغايات في هذا الباب قولي عند حصار قلعة كركر وتنكرت أكراد كركر بسور القلعة فعرفناهم بلامات القسي وألفات السهام وعطست أنوف مراميها بأصوات مدافعنا وكان بها زكام ومن حسن ختامها ولم نخرج عما نحن فيه من بديع الاستعارة وغريبها قولي فلا بكر قلعة إلا افتضينا بكارتها بالفتح وابتذلنا من سترها الحجاب ولا كأس برج أترعوه بالتحصين إلا توجنا رأسه من حبات مدافعنا بالحباب انتهى ولم أحبس عنان القلم عن الاستطراد إلى ما وقع لي من محاسن الاستعارة نظما إلا للتخفيف عن بيت البديعية وقلت تكفيه المزاحمة في مناظرة الشيخ صفي الدين الحلي ومبارزة الشيخ عز الدين الموصلي رحمه الله وحمل ثقل العميان فبيت الشيخ صفي الدين رحمه الله في بديعيته وهو الشاهد على نوع الاستعارة إن لم أحث مطايا العزم مثقلة * من القوافي تؤم المجد عن أمم وبيت العميان يقول صحبي وسفن العيس خائضة * بحر السراب وعين القيظ لم تنم بيت الشيخ صفي الدين وبيت العميان لم يحسن السكوت عليهما ولا تتم الفائدة بهما فإن بيت الشيخ صفي الدين متعلق بما قبله وبيت العميان متعلق بما بعده وبيت الشيخ عز الدين صالح للتجريد وهو دع المعاصي فشيب الرأس مشتعل * بالاستعارة من أزواجها العقم أقول ولو بلغت ما عسى أن يكون أن في قوله من أزواجها العقم ما يرعب السامع وبيت بديعيتي وكان غرس التمني يانعا فذوي * بالاستعارة من نيران هجرهم وقد تقدم أن المقدم عند علماء البديع الاستعارة المرشحة فلفظة غرس رشحت بيانع وأما قولي بالاستعارة من نيران هجرهم بعد ذوى فما أعده إلا من المنح الإلهامية فإن اسم النوع الذي هو الاستعارة جمع بين التورية والاستعارة والترشيح مع عدم الحشو وصحة التركيب والمشي على جادة الرقة والالتزام بتسمية النوع مورى به من جنس الغزل انتهى ذكر الاستخدام واستخدموا العين مني وهي جارية * وقد سمحت بها أيام عسرهم الاستخدام هو استفعال من الخدمة وأما في الاصطلاح فقد اختلفت العبارات في ذلك على طريقين الأولى طريقة صاحب الإيضاح ومن تبعه ومشى عليها كثير من الناس وهي أن الاستخدام إطلاق لفظ مشترك بين معنيين فتريد بذلك اللفظ أحد المعنيين ثم تعيد عليه ضميرا تريد به المعنى الآخر أو تعيد عليه إن شئت ضميرين تريد بأحدهما أحد المعنيين وبالآخر المعنى الآخر وعلى هذه الطريقة مشى أصحاب البديعيات والشيخ صفي الدين الحلي والعميان والشيخ عز الدين وهلم جرا الثانية طريقة الشيخ بدر الدين بن مالك رحمه الله تعالى في المصباح وهي أن الاستخدام إطلاق لفظ مشترك بين معنيين ثم يأتي بلفظين يفهم من أحدهما أحد المعنيين ومن الآخر المعنى الآخر ثم إن اللفظين قد يكونان متأخرين عن اللفظ المشترك وقد يكونان متقدمين وقد يكون اللفظ المشترك متوسطا بينهما والطريقتان راجعتان إلى مقصود واحد وهو استعمال المعنيين وهذا هو الفرق بين التورية