يطرب على عود وطار وأضحت أوقات الربوة بعد ذلك العيش الخضل واليسر عسيرة ولقد كان أهلها في ظل ممدود وماء مسكوب وفاكهة كثيرة ومن ذلك ما أنشأته قديما في توقيع لمولانا قاضي القضاة علاء الدين عالم المسلمين أبي الحسن علي الحنبلي جمل الله الوجود بوجوده بنظر البيمارستان النوري بحماة المحروسة والذي أوردته في التوقيع من الاقتباسات البديعة قولي وصفت مشارب الصفاء بعد الكدر وسقاهم ربهم شرابا طهورا وتلا من سعى لهم في ذلك وجزى بالخيرات إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا ودار شراب العافية على أهل تلك الحضرة بالطاس والكاس وحصل لهم البرء من تلك البراني التي يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس وتمشت الصحة في مفاصل ضعفائه وقيل لهم جوزيتم بما صبرتم وامتدت مقاصيرهم وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم ومن ذلك ما اقتبسته في ديباجة عهد مولانا أمير المؤمنين المعتضد بالله زاده الله شرفا وتعظيما وهو الحمد لله الذي شد عضد هذه الأمة بمن أمسى به معتضدا وأسعفنا من البيت النبوي بخليفة ما برح شيخ الملوك في تقديم بيته الشريف مجتهدا وأقام العلم العباسي بعد أبي مسلم بأبي النصر فأكرم بحسن الختام وحسن الابتدا وتكرر حمده على سلطان مؤيد أتحف به العلماء الأعلام وظهر لجلالهم في أيامه الزاهرة بهجة فقال هذا زمان مشايخ الإسلام نحمده على حكمته التي اقتضت أن تكون الخلافة عمدة الأحكام يزول بها الالتباس وهو القائل تعالى يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس ومن ذلك ما اقتبسته في عهد مولانا السلطان الملك الظاهر ططر بقولي منه فإن البغاة لاحتجاب السلطنة عنه سدا أسسته على الطغيان فقيل لأهل البيعة قد فتح الله لأبي الفتح فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان ومن ذلك ما اقتبسته في مثال شريف مؤيدي كان جوابا لقرا يوسف وتبدى لعلمه الشريف ورود البشير بالقرب اليوسفي وقل حل بالأسماع قبل رؤيته تشنف وهبت نسمات قبوله فأطفأت ما في القلوب من التلهف وضاع نشرها اليوسفي فقال شوقنا اليعقوبي إني لأجد ريح يوسف وهذه ألفة خولتنا في نعم الله وزمام الأخوة منقاد إلينا وقد تعين على المقر أن يقول أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا واتفق لي في تقليد قاضي القضاة ولي الدين العراقي اقتباسات بديعية منها وكم قال هذا المنصب رب قد أضعفني اليتم وصار الباطل قويا فهب لي من لدنك وليا ومنها وأعاذنا الله من ولاية قوم يسمعون بينة الحق وإذا اجتمعوا على الرشوات تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات ومن ذلك ما كتبته على ديوان المقر البارعي الكاملي الأديبي العمادي إسماعيل ابن الصائغ الحلبي أحد أعيان كتاب الإنشاء الشريف الذي عارض به ديوان الصبابة للشيخ شهاب الدين بن أبي حجلة رحمه الله وهو وقفت على هذا الكتاب الذي رفع عماد الأدب في هذا الجيل وشرعت في ذكر محاسنه فقال لسان القلم واذكر في الكتاب إسماعيل ومنه وأما ابن حجة فقد ندب إلى الوقفة على عرفات هذا الفضل المعروف والامتثال هنا واجب ولكن الكف صفر والطريق مخوف هذا وقد ذوت من حدائق فكري زهرة الشباب واختفى لساني كما قال ابن نباتة وأغلق عليه من شفتيه مصراعي باب وخمد جمر القريحة وجمد ذلك الذهن السيال ونأى عن خدمتي كافور الطروس وعنبر المداد وصواب المقال ولكن هبت علي نسمات الشبيبة من دوحة هذا المصنف الجليل فقلت وقد شبت نار القريحة وأملت علي هذا الوصف الجميل الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وهذا القدر الذي أوردته كاف هنا في الاقتباس من القران فإني أخشى باب الملالة ولكن عن لي أن أفرد كتابا وأسميه رفع الالتباس عن بديع الاقتباس وقد تقدم وتقرر أيضا أنه إن جاء في المنظوم فهو عقد وتضمين وإن كان في المنثور فهو اقتباس وقد أوسع بعض علماء هذا الفن المجال في ذلك