responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب نویسنده : علي بن محمد الحموي ( ابن حجة الحموي )    جلد : 1  صفحه : 449


ولماذا أحسدا على الأدب فما أهجرني له من عصر الصبا بحمد الله وما أغناني أو تفاخرا بالنظم فما أشغلني عنه بتدبير الممالك بما عناني نعم وإن كان جوهر الألفاظ مما يحسد عليه فما أزهدني والله في هذا العرض الفاني ومنها والمسؤول من احسانه أمران الجواب فإنه يقوم عند المملوك مقام الفرج من هذه الشدة والآخر رد كل فاسق عن الباب العالي فإن أبا بكر أول من تصلب في الردة وبلغ المملوك أن هذا الضرير قصد بعض الأصحاب برمية كهذه فأصمى وتردد إليه مرة أخرى فعبس وتولى أن جاءه الأعمى ومن ذلك ما كتبت به إلى المقر الصاحبي الفخر المشار إليه بعد توجهي من خدمته إلى دمشق المحروسة ومشاهدتي ما قدر الله عليها من الحريق والحصار من قبل الملك الظاهر سنة إحدى وتسعين وسبعمائة وهذه الرسالة التي سارت بها الركبان وجاء لبديع الاقتباس في معانيها بيان وهي يقبل الأرض التي من يممها أو تيمم ترابها حصل له الفخر والمجد فلا برح هيام الوفود إلى أبوابها أكثر من هيمان العرب إلى ربا نجد ولا زالت فحول الشعراء تطلق أعنة ألفاظها وتركض في ذلك المضمار وتهيم بواديها الذي يجب أن ترفع فيه على أعمدة المدائح بيوت الأشعار وينهى بعد أشواق أمست العين بها في مجاري العين معثره ولو لم يقر إنسانها بمرسلات الدمع لقلت في حقه قتل الإنسان ما أكفره وصول المملوك إلى دمشق المحروسة فيا ليته قبض قبل أن يكتب عليه ذلك الوصول ودخوله إليها والله لقد تمنى خروج الروح عند ذلك الدخول ومنها وتطرقت بعد ذلك إلى الحدادين ولقد نادتهم النار بلسانها من مكان بعيد أتوني زبر الحديد ولقد كان يوم حريقها يوما عبوسا قمطريرا ضج المسلمون فيه من الخيفة وقد رأوا سلاسلا وأغلالا وسعيرا يا مولاي لقد لبست دمشق في هذه المآتم السواد وطبخت قلوب أهلها وسلقوا من الأسنة بألسنة حداد ولقد نشفت عيونهم من الحريق واستنشقوا فلم ينشقوا رائحة الغادية وكم رؤي في ذلك اليوم وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة تصلى نارا حاميه وكم رجل تلا عند لهيب بيته تبت يدا أبي لهب وخرج هاربا وامرأته حمالة الحطب ومنها ونظرت بعد ذلك إلى القلعة المحروسة وقد قامت قيامة حربها حتى قلنا أزفت الأزفة وستروا بروجها من الطارق بتلك الستائر وهم يقولون ليس لها من دون الله كاشفه ومنها وتطاول إلى السور المشرف وقد فضل في علم الحرب وحفظ أبوابه المقفلات فما وقفنا على باب إلا وجدناه لم يترك خلفه لصاحب المفتاح تلخيصا لما أبداه من المشكلات فلا وأبيك لو نظرته يوم الحرب وقد تصاعدت فيه أنفاس الرجال لقلت ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد وإلى المحاصرين وقد جاؤوا فارسا وراجلا ليشهدوا القتال لقلت وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد وإلى كواكب الأسنة وقد انتثرت وإلى قبور الشهداء وهي من تحت أرجل الخيل قد بعثرت وإلى كر الفوارس وفرها لقلت علمت نفس ما قدمت وأخرت ومنها وتصفحت بعد ذلك فاتحة باب النصر فعوذته بالإخلاص وزدت لله شكرا وحمدا وتأملت أهل الباب وهم يتلون لأهل البلد سورة الفتح وللمحاصرين وجعلنا من بين أيديهم سدا وكم طلبوا فتحه ولم يجدوا لهم طاقة وضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ومنها هذا وكم من مؤمن قوم خرج من دياره حذر الموت وهو يقول النجاة وطلب الفرار وكلما دعاه قوم لمساعدتهم على الحريق ناداهم وقد عدم الاصطبار يا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار ومنها فأعيذ ما بقي من السبعة بالسبع المثاني والقرآن العظيم فكم رأينا بها يعقوب حزن رأى سواد بيته فاصفر لونه وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم ومنها وتوصلت إلى ظاهر كيسان فأنفقت كيس الصبر لما افتقرت من دنانير تلك الأزهار والدراهم رباها وكابرت إلى أطراف الباب الصغير فوجدت فاضل النار لم يغادر منها صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ومنها هذا وكم خائف قبل اليوم آويناه بها إلى ربوة ذات قرار وكم كان بها مطرب طير خرج بعدما كان

449

نام کتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب نویسنده : علي بن محمد الحموي ( ابن حجة الحموي )    جلد : 1  صفحه : 449
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست