يكون المتكلم في معنى فيخرج منه بطريق التشبيه أو الشرط أو الأخبار أو غير ذلك إلى معنى آخر يتضمن مدحا أو هجوا أو وصفا وغالب وقوعه في الهجاء فمنه قوله تعالى في كتابه العزيز ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود فذكر ثمود استطراد وقيل إن أول شاهد ورد في هذا النوع وسار مسير الأمثال قول السموأل وإنا لقوم لا نرى القتل سبة * إذا ما رأته عامر وسلول فانظر إلى خروجه الداخل في الافتخار إلى الهجو وحسن عوده إلى ما كان عليه من الافتخار بقوله يقرب حب الموت آجالنا لنا * وتكرهه آجالهم فتطول ومنه قول حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه إن كنت كاذبة الذي حدثتني * فنجوت منجى الحرث بن هشام ترك الأحبة أن يقاتل دونهم * فنجا برأس طمره ولجام فانظر كيف خرج من الغزل إلى هجو الحرث بن هشام والحرث هو أخو أبي جهل أسلم يوم الفتح وحسن إسلامه ومات يوم اليرموك بالشام ومنه قول البحتري من قصيدة في وصف فرس كالهيكل المبني إلا أنه * في الحسن جاء كصورة في هيكل ملك العيون فإن بدا أعطيته * نظر المحب إلى الحبيب المقبل ما إن يعاف قذى ولو أوردته * يوما خلائق حمدويه الأحول ومنه قول أحمد بن يحيى البلاذري يرثي أبا تمام أمسى حبيب رهن قبر موحش * لم يدفع الأقدار عنه بكيد لم ينجه لما تناهى عمره * أدب ولم يسلم بقوة أيد قد كنت أرجو أن تنالك رحمة * لكن أخاف قرابة ابن حميد ما أحسن ما خرج من الرثاء إلى الهجو في حميد بن قحطبة والقرابة التي بينه وبين ابن حميد أنهما كانا طائيين ومنه قول الحسين بن علي القمي جاورت أجبالا كأن صخورها * وجنات نجم ذي الحياء البارد والشوك يفعل في ثيابي مثل ما * فعل الهجاء بعرض عبد الواحد ومنه قول أبي محمد بن مكدم وهو غاية في هذا الباب وليل كوجه البرقعيدي ظلمة * وبرد أغانيه وطول قرونه قطعت فنومي عن جفوني مشرد * كعقل سليمان بن فهد ودينه بذي أولق فيه اعوجاج كأنه * أبو جابر في خبطه وجنونه إلى أن بدا ضوء الصباح كأنه * سنا وجه قرواش ونور جبينه فانظر إلى قوة الاستطراد من وصف حاله مع الليل إلى هجاء الثلاثة ومدح قرواش ومنه إذا ما اتقى الله الفتى وأطاعه * فليس به باس وإن كان من جرم أنظر ما أبلغ ما خرج من الوعظ إلى الهجو المؤلم في قبيلة جرم ومثله وشادن بالدلال عاتبني * واميتتي من تدلل العاتب فكان ردي عليه من خجل * أبرد من شعر خالد الكاتب ومنه قول ابن المعتز ولقد شربت مدامة كرخية * مع ماجد طلق اليدين حميد عليت بماء بارد فكأنما * عليت ببرد قصيدة ابن سعيد ومثله قول بعضهم يصف خمرا طبخت حتى راقت وصفت لم يبق منها وقود الطابخين لها * إلا كما أبقت الأنواء من داري أنظر ما أحلى استطراده من وصف الخمر إلى وصف داره بالخراب بألطف كناية والغريب في هذا