ومنه قول النابغة لها نار جن بعد أنس تحولوا * وزال بهم صرف النوى والنوائب النوائب ومنه في رثاء قوله فيا لك من حزم وعزم طواهما * جديد الردى تحت الصفا والصفائح وأرق ما سمعته في هذا الباب قول القائل إن البكاء هو الشفاء * من الجوى بين الجوانح انتهى الكلام على الجناس المذيل وأما اللاحق فقل من فرق بينه وبين المضارع والمراد بالمضارع هنا المشابه والفرق بينهما دقيق فإن اللاحق هنا ما أبدل من أحد ركنيه حرف من غير مخرجه ومتى كان الحرف المبدل من مخرج المبدل منه سمي مضارعا وإن كان قريبا منه كان مضارعا أيضا وأنا أذكر شاهد كل منهما فإن الفرق بينهما يدق عن كثير من الأفهام ولم يساعده على ظلمة شكه غير ضياء الحسن والمضارع هو المتشابه في المخرج كقوله تعالى وهو إلى الغاية التي لا تدرك وهم ينهون عنه وينأون عنه ومنه قوله الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ومثله قول بعضهم البرايا أهداف البلايا ومن النظم قول الشريف الرضي رحمه الله لا يذكر الرمل إلا حن مغترب * له إلى الرمل أوطار وأوطان فاللام والراء والنون من مخرج واحد عند قطرب والجرمي وابن دريد والفراء قال بعض أهل الأدب في كتاب راش سهامه بالعقوق ولوى ماله عن الحقوق فالعين والحاء من مخرج واحد ويعجبني قول الشيخ جمال الدين بن نباتة في هذا الباب رق النسيم كرقتي من بعدكم * فكأننا في حيكم نتغاير ووعدت بالسلوان واش عابكم * فكأننا في كذبنا نتخاير فالغين والخاء من مخرج واحد انتهى الكلام على المضارع ومقاربه في مخارج حروفه على الأبدال واللاحق قد تقدم أنه ما أبدل من أحد ركنيه حرف من غير مخرجه كقوله تعالى فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر وكتب بعضهم في جواب رسالة وصل كتابك فتناولته باليمين ووضعته مكان العقد الثمين ومن النظم قول البحتري وأجاد إلى الغاية عجب الناس لاعتزالي وفي الأطراف * تلفى منازل الأشراف وقعودي عن التقلب والأرض * لمثلي رحيبة الأكناف ليس عن ثروة بلغت مداها * غير أني امرؤ كفاني كفافي فكفاني وكفافي هو اللاحق الذي لا يلحق وهنا نكتة لطيفة تؤيد قول البحتري في بيته الأول وهو عجب الناس لاعتزالي وفي الأطراف * تلفى منازل الأشراف قيل لبعضهم في أي موضع في القرآن الأطراف منازل الأشراف فقال في قوله تعالى وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين فهذا أشرفهم وكان ينزل من أقصى المدينة والأطراف والأشراف مما نحن فيه وما أحلى قول أبي هلال العسكري في اللاحق أراعي تحت حاشية الدياجي * شقائق وجنة سقيت مداما وإن ذكرت لواحظ مقلتيه * حسبت قلوبنا مطرت سهاما وإن مالت بعطفيه شمول * سقانا من شمائله سقاما انتهى الكلام على الجناس اللاحق والفرق بينه وبين المضارع ومن الناس من يسمي كل ما اختلف بحرف تجنيس التصريف سواء كان من المخرج أو من غيره ولكن رأيت استجلاء الفرق أنور ولا يشترط أن يكون الإبدال في الأول ولا في الوسط ولا في الآخر فإن جل القصد الإبدال كيفما اتفق وبيت الشيخ صفي الدين يشتمل على المذيل واللاحق وهو أبيت والدمع هام هامل سرب * والجسم في أضم لحم على وضم