وبيت الشيخ عز الدين الموصلي يذيل الدمع جار جارح بأذى * كلاحق ماحق الآثار في الأكم قال شيخنا الشيخ شمس الدين الهيتي وقد تقدمت ترجمته لما أنشدته هذا البيت والذي قبله بعد حفظي لهما من المصنف بحماة لو عزا أحد هذين البيتين إلى الجان ما شككت في قوله وبيت بديعيتي وذيل الهم همل الدمع لي فجرى * كلاحق الغيث حيث الأرض في ضرم فالمذيل في هم وهمل واللاحق في غيث وحيث الجناس التام والمطرف يا سعد ما تم لي سعد يطرفني * بقربهم وقليل الحظ لم يلم أما الجناس التام فهو ما تماثل ركناه واتفقا لفظا واختلفا معنى من غير تفاوت في تصحيح تركيبهما واختلاف حركتهما سواء كانا من اسمين أو من فعلين أو من اسم وفعل فإنهم قالوا إذا انتظم ركناه من نوع واحد كاسمين أو فعلين سمي مماثلا وإن انتظما من نوعين كاسم وفعل سمي مستوفى وجل القصد تماثل الركنين في اللفظ والخط والحركة واختلافهما في المعنى سواء كانا من اسمين أو من غير ذلك فإن المراد أن يكون الجناس تاما على الصفة المذكورة من حيث هو أكمل الأنواع إبداعا وأسماها رتبة وأولها في الترتيب فمنه قول الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه صولة الباطل ساعة وصولة الحق إلى الساعة وقيل ما وقع في القرآن العظيم غير هذين الركنين وهو قوله تعالى ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة ولكن استخرج ابن حجر من القرآن جناسا آخر تاما عظيما وهو قوله تعالى يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار ومن الشعر قول بعضهم وأجاد وسميته يحيى ليحيى فلم يكن * إلى رد أمر الله فيه سبيل ومن ملح هذا النوع قول ابن الرومي للسود في السود آثار تركن بها * وقعا من البيض يثني أعين البيض ومنه قول أبي الفتح البستي سما وحمى بني سام وحام * فليس كمثله سام وحام أما أبو الفتح فإنه ثابر على استعمال الجناس كثيرا ولكن ما أعلم أنه نظم أحسن من هذا البيت وقد تجمل به نوع الجناس وكاد أن يكون تورية وما أحسن قول المعري فيه وأحشمه لم نلق غيرك إنسانا يلاذ به * فلا برحت لعين الدهر إنسانا ومطلع الشيخ صفي الدين في قصيدته البائية التي عارض بها المتنبي وامتدح بها السلطان الملك الناصر سقى الله عهده حسن في هذا الباب وهو أسبلن من فوق النهود ذوائبا * فتركن حبات القلوب ذوائبا ومن محاسنها عاتبته فتضرجت وجناته * وأزور ألحاظا وقطب حاجبا فأذابني الخد الكليم وطرفه * ذو النون إذ ذهب الغداة مغاضبا ومطلع قصيدة ابن نباتة التي امتدح بها الملك الأفضل صاحب حماة غاية في هذا النوع وقد عارض أبا الطيب المتنبي ولكن أتى فيها بما لو سمعه أبو العلاء لرجع عن ديوان أحمد وأقر بمعجزات محمد فمطلع المتنبي أرق على أرق ومثلي يأرق * وجوى يزيد وعبرة تترقرق ومطلع ابن نباتة ما بت فيك بدمع عيني أشرق * إلا وأنت من الغزالة أشرق ولأجل إطنابي في هذه القصيدة تعين إيراد شيء من محاسنها هنا فمنها أنفقت عيني في البكاء وحبذا * عين على مرأى جمالك تنفق