وفي تسمية النوع هنا ما يغني عن التنبيه عليهما وقد تقدم الشرح على كل واحد منهما والشيخ صفي الدين والعميان لم يثقل التقييد بتسمية النوع لهم كاهلا مع أن يكون مورى به من جنس الغزل وشتان بين عالم الإطلاق والتقييد بضيق هذا الخناق لأن الرقيق لم يقم له سوق بل يصدق إذا ما ادعى عتقه والله المسؤول أن يقيم لنا سوق القبول في متاجر الرقة فإن الشيخ صفي الدين قال في خطبته مع إطلاق قياده فانظر أيها العالم الأديب إلى غزارة الجمع وهي ضمن الرياقة في السمع ثم قال بعد ذلك ودع كل صوت غير صوتي فإنني * أنا الصائح المحكي والآخر الصدى ذكر الجناس الملفق ورمت تلفيق صبري كي أرى قدمي * يسعى معي فسعى لكن أراق دمي حد الملفق أن يكون كل من الركنين مركبا من كلمتين وهذا هو الفرق بينه وبين المركب وقل من أفرده عنه وغالب المؤلفين ما فرقوا بينهما بل عدوا كل واحد منهما مركبا إلا الحاتمي وابن رشيق وأمثالهما ولعمري لو سموا الملفق مركبا والمركب ملفقا لكان أقرب إلى المطابقة في التسمية لأن الملفق مركب في الركنين والمركب ركن واحد كلمة مفردة والثاني مركب من كلمتين وهذا هو التلفيق وما ألم بالملفق أحد من أصحاب البديعيات غير الشيخ صفي الدين الحلي وما ذاك إلا أنه قال في خطبة بديعيته أنها نتيجة سبعين كتابا في هذا الفن وهذا دليل على إنه لما عارضه الشيخ عز الدين والتزم تسمية الأنواع التي ذكرها الشيخ صفي الدين لم يجد بدا من نظمه لأجل المعارضة ولكن نحت فيه بيتا من الجبال وسيأتي وأما العميان فإنهم عدوه في بديعيتهم في المركب فاختصرته هنا وكذلك بقية أبياتهم في أنواع الجناس تعين اختصارها فإنهم لم يأتوا في البيت إلا بالنوع الواحد ومن الملفق في النظم قول الشاعر وكم لجباه الراغبين إليه من * مجال سجود في مجالس جود وما ألطف ما قال القاضي أبو علي عبد الباقي بن أبي حصين في هذا النوع وقد ولي القضاء بالمعرة وهو ابن خمس وعشرين سنة وأقام في الحكم خمس سنين وهو وليت الحكم خمسا وهي خمس * لعمري والصبا في العنفوان فلم تضع الأعادي قدر شاني * ولا قالوا فلان قد رشاني وما أحلى قول الشيخ شرف الدين بن عنين في هذا الباب خبروها بأنه ما تصدى * لسلو عنها ولو مات صدا ويعجبني قوله بعد المطلع وسلوها في زورة من خيال * إن تكن لم تجد من الهجر بدا وبيت الحلي في الملفق فقد ضمنت وجود الدمع من عدم * لهم ولم أستطع مع ذاك منع دمي ولم يمكن الشيخ صفي الدين أن يحصر مع الملفق غيره من أنواع الجناس في بيت واحد لما تقدم من صعوبة مسلكه وهو عزيز الوقوع ولكن له رونق وموقع في الذوق لطلاوة تركيبه وغرابة أسلوبه وبيت الشيخ صفي الدين في غاية الرقة والانسجام غير أن التحريف حكم عليه فصار مشوشا والمشوش كل جنس تجاذبه طرفان من الصنعة فلا يمكن إطلاق أحدهما على الآخر وبيت صفي الدين تجاذبه المحرف والملفق انتهى وبيت الشيخ عز الدين ملفق ظاهر سرى وشان دمي * لما جرى من عيوني إذ وشى ندمي هذا البيت فيه الجناس الملفق على الصنعة وتسميته على الشروط المذكورة ولكن عجزت لعقادة تركيبه عن الطيران بأجنحة الفهم لا أحوم له على معنى ونظرت بعد ذلك في شرحه فوجدته قد قال إن لفظة ملفق صفة للجار والمجرور في قوله فحيي سلمى وسل ما ركبت بشذا يعني إن الشذا الذي أطلقته سلمى أمام الحي كان ملفقا وبيتي المسؤول له من الله السلامة ورمت تلفيق صبري كي أرى قدمي * يسعى معي فسعى لكن أراق دمي