أحبابه وقد أثروا به تلك الحالة والنار قد تلتظي من ناضر السلم قد هنا للتقليل ومراده أن وقوع هذا منكم وأنتم أحباب عجيب ومثل الحال بقوله والنار قد تلتظي من ناضر السلم وقال في عجز البيت الثاني عندما أوطؤوه على جمر العقوق إن الليث لو لم يخرج ما خرج من الأجم وهذا التمثيل والذي قبله في البيت الأول غايتان في هذا الباب وقد أخرج كلا منهما مخرج المثل السائر على مذهب من يرى ذلك وبيت الشيخ صفي الدين يا غائبين لقد أضنى الهوى جسدي * والغصن يذوي لفقد الوابل الردم الشيخ صفي الدين أجاد في نظم هذا النوع وأتى بشروطه كاملة فإنه مثل حاله لما أضنى الهوى جسده لغيبة أحبابه بالغصن لما يذوي لفقد المطر وأخرج كلامه مخرج المثل السائر كما تقرر ولكن لو حط موضع الهوى الجفا لكان أقرب إلى المراد ولو كانت القافية غير الردم لكانت أخف على القلوب والعميان لم ينظموا هذا النوع في بديعيتهم وبيت الشيخ عز الدين من التعاظم تمثيل الزمان به * وقد يكون اتضاع القدر بالشمم هذا البيت غير صالح للتجريد وقد كل الفكر وعجزت أن أتوصل فيه إلى حد يتوصل به إلى فهم معناه أو إلى صورة التمثيل في تركيبه فلم أجد بدا من مطالعة الشرح فلما نظرت في شرحه وجدته قد قال فيه إن العذول يتعاظم في كلامه وأفعاله فلذلك مثل الزمان به من استهتار السامع به والتهكم وعدم الإصغاء إليه وفي ذلك تهجين له وربما استجيب فيه الدعاء ثم قال في آخر الشرح وقد أرسلت النصف الثاني من البيت مثلا فما ازدادت مرآة ذوقي بذلك إلا صدأ والله أعلم وبيت بديعيتي وقلت ردفك موج كي أمثله * بالموج قال قد استسمنت ذا ورم أنظر أيها المتأمل إلى التمثيل الذي مثلت فيه شيئا بشيء فيه إشارة منه كما قرره ابن رشيق في العمدة وحذفت أداة التشبيه لتقريب المشبه من المشبه به كما تقدم وتقرر أن لفظ التمثيل لا يكون إلا مقدرا يمثل غالبا وأخرجت آخر كلامي مخرج المثل السائر على مذهب من يرى ذلك وأتيت بتسمية النوع البديعي مورى به مسبوكا في أحسن القوالب والله أعلم بالصواب ذكر التوجيه وأسود الخال في نعمان وجنته * لي منذر منه بالتوجيه للعدم التوجيه مصدر توجه إلى ناحية كذا إذا استقبلها وسعى نحوها وفي الاصطلاح أن يحتمل الكلام وجهين من المعنى احتمالا مطلقا من غير تقييد بمدح أو غيره والتوجيه هو إبهام المتقدمين لأن الاصطلاح فيهما واحد غير أن الشواهد التي استشهدوا بها على التوجيه الإبهام أحق بها لطلوع أهلتها زاهرة في أفقه ولمطابقة التسمية فإنهم يستشهدون على التوجيه بقول الشاعر في الحسن ابن سهل عندما زوج ابنته بوران بالخليفة بارك الله للحسن * ولبوران في الختن يا إمام الهدى ظفرت * ولكن ببنت من فلم يعلم ما أراد بقوله ببنت من في الرفعة أو في الحقارة وقد تقدم قولي في شرح نوع الإبهام لما استشهدت بهذين البيتين على ما نقل ابن أبي الأصبع أن الحسن بن سهل قال له أسمعت هذا المعنى أم ابتكرته فقال لا والله نقلته من شعر شاعر مطبوع كان كثير الولوع بهذا النوع واتفق أنه فصل قباء عند خياط أعور اسمه زيد كذا نقله ابن أبي الأصبع فقال له الخياط على سبيل العبث سآتيك به لا تدري اقباء هو أم دواج فقال له الشاعر إن فعلت ذلك نظمت فيك بيتا لا يعلم من سمعه أدعوت لك أم دعوت عليك ففعل الخياط فقال الشاعر خاط لي زيد قباء * ليت عينيه سواء