وبيت عز الدين الموصلي وارع النظير من القوم الأولى سلفوا * من الشباب ومن طفل ومن هرم المناسبة في بيت الشيخ عز الدين بين الشباب والطفل والهرم أظن أنه قصد بها النسبة إلى آدم عليه السلام وبيت بديعيتي ذكرت نظم اللآلي والحباب له * راعي النظير بثغر منه منتظم المناسبة هنا ما بين اللآلي ونظم الحباب ونظم الثغر بديعة عند أهل النظم هذا مع حسن التشبيه بالمناسبة البديعية وفي نور هذا المثال ما يمحو ظلمة الإشكال عند مراعاة النظير هذا مع رقة الانسجام ومغازلة عيون الغزل في تسمية النوع البديعي وحلاوة توريته وقد حبست عنان القلم وإن كانت المهجة في هذا المعرك الضيق قد ذابت لئلا يقال كثر فارتابت ذكر التمثيل وقلت ردفك موج كي أمثله * بالموج قال قد استسمنت ذا ورم التمثيل مما فرعه قدامة من ائتلاف اللفظ مع المعنى وقال هو أن يريد المتكلم معنى فلا يدل عليه بلفظه الموضوع له ولا بلفظ قريب من لفظه وإنما يأتي بلفظ هو أبعد من لفظ الإرداف يصلح أن يكون مثالا للفظ المعنى المذكور كقوله تعالى وقضي الأمر وهذا التمثيل العظيم في غاية الإيجاز والحقيقة أي هلك من قضي هلاكه ونجا من قدرت نجاته وما عدل عن اللفظ الخاص إلى لفظ التمثيل إلا لأمرين أحدهما الاختصار لبلاغه الإيجاز والثاني كون الهلاك والنجاة كانا بأمر مطاع ولا يحصل ذلك من اللفظ الخاص ومن شواهد ذلك في السنة الشريفة قول النبي حكاية عن بعض النسوة في حديث أم زرعة زوجي كليل تهامة لا حر ولا برد ولا مخافة ولا سآمة فإنها أرادت وصفه بحسن العشرة مع نسائه فعدلت عن اللفظ الموضوع له إلى لفظ التمثيل لما فيه من الزيادة وذلك تمثيلها الممدوح بليل تهامة المجمع على وصفه بأنه معتدل فتضمن ذلك وصف الممدوح باعتدال المزاج المستلزم حسن العشرة وكمال العقل اللذين ينتجان لين الجانب وطيب المعاشرة وخصت الليل بالذكر لما في الليل من راحة الحيوان وخصوصا الإنسان لأنه يستريح فيه من الكد والفكر ولكون الليل جعل سكنا والسكن محل الاجتماع بالحبيب لا سيما وقد جعلته معتدلا بين الحر والبرد والطول والقصر وهذه صفة ليل تهامة لأن الليل يبرد فيه الجو مطلقا بالنسبة إلى النهار لغيبة الشمس وخلوص الهواء من اكتساب الحر فيكون في البلاد الباردة شديد البرد وفي البلاد الحارة معتدل البرد مستطابا فلهذا قالت زوجي كليل تهامة وحذفت أداة التشبيه ليقرب المشبه من المشبه به وهذا مما يبينه لفظ التمثيل لكونه لا يجيء إلا مقدرا بمثل غالبا وقال ابن رشيق في العمدة التمثيل والاستعارة ضرب من التشبيه ولكنهما بغير أداة والتمثيل هو المماثل عند بعضهم وذلك أن تمثل شيئا بشيء فيه إشارة منه كقول امرئ القيس وما ذرفت عيناك إلا لتضربي * بسهميك في أعشار قلب مقتل فمثل عينيها بالسهمين ومثل قلبه بأعشار الجزور معناه ما بكيت إلا لتقدحي في قلبي كما يقدح القادح في الأعشار فتمت له جهات التمثيل والاستعارة وقد تقدم أن التمثيل ضرب من الاستعارة والتشبيه وهو قريب التذييل ولكن بينهما فرق دقيق وهو خلو التذييل من التشبيه وألحقوا بهذا الباب أعني التمثيل ما يخرجه المتكلم مخرج المثل السائر وأبلغ ما سمعته من الشواهد البليغة المستوعبة لشروط هذا الباب قول أبي تمام أخرجتموه بكرة عن سجيته * والنار قد تلتظي من ناضر السلم أوطأتموه على جمر العقوق ولو * لم يحرج الليث لم يخرج من الأجم ففي عجز كل من البيتين تمثيل حسن فإنه مثل فيهما حالته عند إخراجه كرها عن سجيته يخاطب