نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 291
العجز وهل يليق بالمسافر إذا استراح تحت ظل أن يضرب خباءه عليه ويتخذه وطنه خشية التأذي بالحر والبرد وهل هذا إلا أسفه السفه فالسباق السباق والبدار البدار : حُكمُ المَنيَةِ في البَريَّة جاري * ما هذِهِ الدُنيا بِدارِ قَرار اقضْوا مآرِبَكُم سِراعا إنما * أعمَارِكُمْ سَفرٌ مِنَ الأسفَارِ وتَراكَضُوا خَيلَ السِباق وبادِروا * أنْ تَستَرد فإِنَهُنَ عَواري وَدَعوا الإِقامَةَ تحتَ ظِلِ زائِل * أنتُم على سَفر بَهذي الدار منْ يَرجو طيبَ العَيشِ فيها إنما * يُبنَى الرجاءُ على شَفير هار والعيشُ كُلَ العَيشِ بعدَ فُراقِها * في دارِ أهلِ السبقِ أكرمُ دار فاقتحموا حلبة السباق ولم يستوحشوا من قلة الرفاق وساروا في ظهور العزائم ولم تأخذهم في سيرهم لومة لائم والمتخلف في ظل الشجرة نائم فوالله ما كان إلا قليل حتى ذوت أغصان تلك الشجرة وتساقطت أوراقها وانقطع ثمرها ويبست فروعها وانقطع مشربها فقلعها قيمها من أصلها فأصبح أهلها في حر السموم يتقلبون وعلى ما فاتهم من العيش في ظلها يتحسرون أحرقها قيمها فصارت هي وما حولها ناراً تلظى وأحاطت النار بمن تحتها فلم يستطع أحد منهم الخروج منها فقالوا : أين الركب الذين استظلوا معنا تحت ظلها ثم راحوا وتركوه فقيل لهم : ارفعوا أبصاركم تروا منازلهم فرأوهم من البعد في قصور مدينة الملك وغرفها يتمتعون بأنواع اللذات فتضاعفت عليهم الحسرات ألا يكونوا معهم وزاد تضاعفها بأن حيل بينهم وبين ما يشتهون وقيل : هذا جزاء المتخلفين : ( وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفُسهُمْ يظلمون ) ( النحل : 118 ) .
291
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 291