نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 282
الشره الحريص اما هالك واما قريب من الهلاك فان الربيع ينبت أنواع البقول والعشب فتستكثر منه الدابة حتى ينتفخ بطنها لما جاوزت حد الاحتمال فتنشق أمعاؤها وتهلك كذلك الذي يجمع الدنيا من غير حلها ويحبسها أو يصرفها في غير حقها . وآخر الحديث مثل للمقتصد بآكلة الخضر الذي تنتفع الدابة بأكله ولم يحملها شرهها وحرصها على تناولها منه فوق ما تحتمله بل أكلت بقدر حاجتها وهكذا هذا أخذ ما يحتاج إليه ثم وضرب بول الدابة وثلطها مثلاً لاخراجه المال في حقه حيث يكون حبسه وامساكه مضرا به فنجا من وبال جمعه بأخذ قدر حاجته منه ونجا من وبال امساكه باخراجه كما نجت الدابة من الهلاك بالبول والثلط . وفي هذا الحديث إشارة إلى الاعتدال والتوسط بين الشره في المرعى القاتل بكثرته وبين الاعراض عنه وتركه بالكلية فتهلك جوعاً . وتضمن الخبر أيضا ارشاد المكثر من المال إلى ما يحفظ عليه قوته وصحته في بدنه وقلبه وهو الاخراج منه وانفاقه ولا يحبسه فيضره حبسه وبالله التوفيق . [ فصل ] المثال الثامن : ما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن سليمان بن يسار عن ميمونة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص : ( الدنيا خضرة حلوة فمن اتقى الله فيها وأصلح والا فهو كالآكل ولا يشبع ) وبين الناس في ذلك كعبد الكوكبين أحدهما يطلع في المشرق والآخر بغيب في المغرب فنبه بخضرتها على استحسان العيون لها وبحلاوتها على استجلاء الصدور لها وبتلك الخضرة والحلاوة زينت لأهلها وحببت إليهم ، لا سيما وهم مخلوقون منها وفيها ، كما قيل :
282
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 282