نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 281
بالزهر في طيب رائحته وحسن منظره وقلة بقائه وان وراءه ثمراً خيرا وأبقى منه . وقوله : ( أن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلم ) هذا من أحسن التمثيل المتضمن للتحذير من الدنيا والانهماك عليها والمسرة فيها وذلك أن الماشية يروقها نبت الربيع فتأكل منها بأعينها فربما هلكت حبطا والحبط : انتفاخ بطن الدابة من الامتلاء أو من المرض يقال : حبط الرجل والدابة تحبط حبطاً إذا أصابه ذلك ولما أصاب الحارث بن مازن بن عمرو بن تميم ذلك في سفره فمات حبطا فنسب ( الحبطي ) كما يقال ( السلمي ) فكذلك الشره في المال يقتله شرهة وحرصه فان لم يقتله قارب أن يقتله وهو قوله : ( أو يلم ) وكثير من أرباب الأموال انما قتلتهم أموالهم فإنهم شرهوا في جمعها واحتاج إليها غيرهم فلم يصلوا إليها إلا بقتلهم أو ما يقاربه من اذلالهم وقهرهم . وقوله : ( إلا آكلة الخضر ) هذا تمثيل لمن أخذ من الدنيا حاجته مثله بالشاة الآكلة من الخضر بقدر حاجتها أكلت حتى إذا امتلأت خاصرتاها - وفي لفظ آخر : امتدت خاصرتاها - وانما تمتد من امتلائها من الطعام وثنى الخاصرتين لأنهما جانبا البطن . وفي قوله : ( استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت ) ، ثلاث فوائد . إحداها : أنها لما أخذت حاجتها من المرعى تركته وبركت مستقبله الشمس لتستمرئ بذلك ما أكلته . الثانية : أنها أعرضت عما يضرها من الشره في المرعى وأقبلت على ما ينفعها من استقبال الشمس الذي يحصل لها بحرارتها انضاج ما أكلت واخراجه . الثالثة : أنها استفرغت بالبول والثلط ما جمعته من المرعى في بطنها فاستراحت باخراجه ولو بقي فيها لقتلها فكذلك جامع المال مصلحته أن يفعل به كما فعلت هذه الشاة . وأول الحديث مثل للشره في جمع الدنيا والحريص على تحصيلها فمثاله مثال الدابة التي حملها شره الأكل على أن يقتلها حبطا أو يلم إذا لم يقتلها فان
281
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 281