نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 280
الأمثال فان الدنيا منقطعة فانية ولو كانت مدتها أكثر مما هي والآخرة أبدية لا انقطاع لها ولا نسبة للمحصور إلى غير المحصور بل لو فرض أن السماوات والأرض مملوءتان خردلا وبعد كل ألف سنة طائر ينقل خردلة لفنى الخردل والآخرة لا تفنى فنسبة الدنيا إلى الآخرة في التمثيل كنسبة خردلة واحدة إلى ذلك الخردل ولهذا لو أن البحر يمده من بعده سبعة أبحر وأشجار الأرض كلها أقلام يكتب بها كلام الله لنفدت الأبحر والأقلام ولم تنفد كلمات الله لأنها لا بداية لها ولا نهاية لها والأبحر والأقلام متناهية . قال الإمام أحمد وغيره : لم يزل الله متكلماً إذا شاء وكماله المقدس مقتض لكلامه وكماله من لوازم ذاته فلا يكون إلا كاملاً والمتكلم أكمل ممن لا يكلم وهو سبحانه لم يلحقه كلل ولا تعب ولا سآمة من الكلام وهو يخلق ويدبر خلقه بكلماته فكلماته هي التي أوجد بها خلقه وأمره وذلك حقيقة ملكه وربوبيته وألوهيته وهو لا يكون إلا ربا ملكا إلها لا إله إلا هو والمقصود أن الدنيا نفس من أنفسا الآخرة وساعة من ساعاتها . [ فصل ] المثال السابع : ما مثلها به صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب الناس فقال : ( لا والله ما أخشى عليكم إلا ما يخرج الله لكم من زهرة الدنيا فقال رجل : يا رسول الله أو يأتي الخير بالشر فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : كيف قلت قال : يا رسول الله أو يأتي الخير بالشر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الخير لا يأتي إلا بالخير وان مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلم إلا آكلة الخضر أكلت حتى إذا امتلأت خاصرتاها استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت ثم اجترت فعادت فأكلت فمن أخذ مالا فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه انما يخاف عليهم الدنيا وسماها زهرة فشبهها
280
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 280