نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 279
حسان عن الحسن قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه : ( إنما مثلي ومثلكم ومثل الدنيا كمثل قوم سلكوا مفازة غبراء حتى إذا لم يدروا ما سلكوا منها أكثر أم ما بقي أنفدوا الزاد وحسروا الظهر وبقوا بين ظهراني المفازة لا زاد ولا حمولة فأيقنوا بالهلكة فبينما هم كذلك إذ خرج عليهم رجل في حلة يقطر رأسه فقالوا : إن هذا قريب عهد بريف وما جاءكم هذا إلا من قريب فلما انتهى إليهم قال : يا هؤلاء على ما أنتم قالوا : على ما ترى قال : أرأيتم ان هديتكم على ماء رواء ورياض خضر ما تجعلون لي قالوا : لا نعصيك شيئاً قال : عهودكم ومواثيقكم بالله قال : فأعطوه عهودهم ومواثيقهم بالله لا يعصونه شيئاً فأوردهم ماء ورياضا خضرا قال : فمكث فيهم ما شاء الله ثم قال : يا هؤلاء الرحيل قالوا : إلى أين قال : إلى ماء ليس كمائكم ورياض لبست كرياضكم قال : فقال جل القوم - وهم أكثرهم : والله ما وجدنا هذا حتى ظننا أن لن نجده وما نصنع بعيش هو خير من هذا قال : وقالت طائفة - وهم أقلهم : ألم تعطوا هذا الرجل عهودكم ومواثيقكم بالله لا تعصونه شيئاً وقد صدقكم في أول حديثه فوالله ليصدقنكم في آخره فراح بمن اتبعه وتخلف بقيتهم فبادرهم عدوهم فأصبحوا بين أسير وقتيل ) . [ فصل ] المثال الخامس للدنيا وأهلها : ما مثلها به النبي صلى الله عليه وسلم كظل شجرة والمرء مسافر فيها إلى الله فاستظل في ظل تلك الشجرة في يوم صائف ثم راح وتركها فتأمل حسن هذا المثال ومطابقته للواقع سواء فإنها في خضرتها كشجرة وفي سرعة انقضائها وقبضها شيئاً فشيئاً كالظل والعبد مسافر إلى ربه والمسافر إذا رأى شجرة في يوم صائف لا يحسن به أن يبني تحتها دارا ولا يتخذها قرارا بل يستظل بها بقدر الحاجة ومتى زاد على ذلك انقطع عن الرفاق . [ فصل ] المثال السادس : تمثيله لها صلى الله عليه وسلم بمدخل إصبعه في اليم فالذي يرجع به إصبعه من البحر هو مثل الدنيا بالنسبة إلى الآخرة وهذا أيضاً من أحسن
279
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 279