نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 276
أهنتموها هيهات هيهات ذهبت الدنيا وبقيت الأعمال قلائد في الأعناق . وقال المسيح عليه السلام : لا تتخذوا الدنيا ربا فتتخذكم عبيداً واعبروها ولا تعمروها واعلموا أن أصل كل خطيئة حب الدنيا ورب شهوة أورثت أهلها حزناً طويلاً ما سكنت الدنيا في قلب عبد إلا التاط قلبه منها بثلاثة : شغل لا ينفك عناؤه وفقر لا يدرك غناؤه وأمل لا يدرك منتهاه الدنيا طالبة مطلوبة فطالب الآخرة تطلبه الدنيا حتى يستكمل فيها رزقه وطالب الدنيا تطلبه الآخرة حتى يجئ الموت فيأخذ بعنقه يا معشر الحواريين : ارضوا بدني الدنيا مع سلامة الدين كما رضي أهل الدنيا بدني الدين مع سلامة الدنيا . وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا سيار حدثنا جعفر حدثنا مالك بن دينار قال : قال أبو هريرة رضي الله عنه : الدنيا موقوفة بين السماء والأرض منذ خلقها الله تعالى إلى يوم يفنيها تنادي ربها : يا رب لم تبغضني فيقول : اسكتي يا لا شيء اسكتي يا لا شيء وقال الفضيل : تجئ الدنيا يوم القيامة فتتبختر في زينتها ونضرتها فتقول : يا رب اجعلني لأحسن عبادك دارا فيقول : لا أرضاك له أنت لا شيء فكوني هباء منثورا . [ فصل ] في ذكر أمثلة تبين حقيقة الدنيا المثال الأول : للعبد ثلاثة أحوال : حالة لم يكن فيها شيئاً وهي ما قبل أن يوجد وحالة أخرى : وهي من ساعة موته إلى مالا نهاية له في البقاء السرمدي فلنفسه وجود بعد خروجها من البدن اما في الجنة واما في النار ثم تعاد إلى بدنه فيجازى بعمله ويسكن إحدى الدارين في خلود دائم ثم بين هاتين الحالتين وهي ما بعد وجوده وما قبل موته حالة متوسطة وهي أيام حياته فلينظر إلى مقدار زمانها وأنسبه إلى الحالتين يعلم أنه أقل من طرفة عين في مقدار عمر الدنيا ومن رأى الدنيا بهذه العين لم يركن إليها ولم يبال كيف تقضت أيامه فيها في ضر وضيق أو في سعة ورفاهية ولهذا لم يضع رسول الله صلى الله عليه وسلم لبنة على لبنة ولا
276
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 276