نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 277
قصبة على قصبة وقال : ( مالي وللدنيا انما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب قال في ظل شجرة ثم راح وتركها ) وقال : ( ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم إصبعه في اليم فينظر بما يرجع ) والى هذا أشار المسيح عليه السلام بقوله : ( الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها ) وهذا مثل صحيح فان الحياة معبر إلى الآخرة والمهد هو الركن الأول على أول القنطرة واللحد هو الركن الثاني على آخرها ومن الناس من قد قطع نصف القنطرة ومنهم من قطع ثلثيها ومنهم من لم يبق له إلا خطوة واحدة وهو غافل عنها وكيف ما كان فلا بد من العبور فمن وقف يبني على القنطرة ويزينها بأصناف الزينة وهو يستحث العبور فهو في غاية الجهل والحمق . [ فصل ] المثال الثاني : شهوات الدنيا في القلب كشهوات الأطعمة في المعدة وسوف يجد العبد عند الموت لشهوات الدنيا في قلبه من الكراهة والنتن والقبح ما يجد للأطعمة اللذيذة إذا انتهت في المعدة غايتها وكما أن الأطعمة كلما كانت ألذ طعماً وأكثر دسما وأكثر حلاوة كان رجيعها أقذر فكذلك كل شهوة كانت في النفس ألذ وأقوى فالتأذي بها عند الموت أشهد كما أن تفجع الانسان بمحبوبه إذا فقده يقوى بقدر محبة المحبوب . وفي المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للضحاك بن سفيان : ألست تؤتي بطعامك وقد ملح وقزح ثم تشرب عليه الماء واللبن قال : بلى قال : فالأم يصير قال : إلى ما قد علمت قال : فان الله عز وجل ضرب مثل الدنيا لما يصير إليه طعام ابن آدم وكان بعض السلف يقول لأصحابه : انطلقوا حتى أريكم الدنيا فيذهب بهم إلى مزبلة فيقول : انظروا إلى ثمارهم ودجاجهم وعسلهم وسمنهم .
277
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 277