نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 273
أرى أشقياء الناس لا يسأمونها * على أنهم فيها عراة وجوع أراها وإن كانت تحب فإنها * سحابة صيف عن ليل تقشع أشبه الأشياء بالدنيا الظل تحسب له حقيقة ثابتة وهو في تقلص وانقباض فتتبعه لتدركه فلا تلحقه وأشبه الأشياء بها السراب ( يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب ) وأشبه الأشياء بها المنام يرى فيه العبد ما يحب وما يكره فإذا استيقظ علم ان ذلك لا حقيقة وأشبه الأشياء بها عجوز شوهاء قبيحة المنظر والمخبر غدارة بالأزواج تزينت للخطاب بكل زينة وسترت كل قبيح فاغتر بها من لم يجاوز بصره ظاهرها فطلب النكاح فقالت : لا مهر إلا نقد الآخرة فإننا ضرتان واجتماعنا غير مأذون فيه ولا مستباح فآثر الخطاب العاجلة وقالوا : ما على من واصل حبيبته من جناح فلما كشف قناعها وحل ازارها إذا كل آفة وبلية فمنهم من طلق واستراح ومنهم من اختار المقام فما استتمت ليلة عرسه إلا بالعويل والصياح . تالله لقد أذن مؤذنها على رؤوس الخلائق بحي على غير الفلاح فقام المجتهدون والمصلون لها فواصلوا في طلبها الغدو بالرواح وسروا ليلهم فلم يحمد القوم السرى عند الصباح طاروا في صيدها فما رجع أحد منهم إلا وهو مكسور الجناح فوقعوا في شبكتها فأسلمتهم للذباح . قال ابن أبي الدنيا : حدثنا محمد بن علي بن شقيق حدثنا إبراهيم ابن الأشعث قال : سمعت الفضيل بن عياض يقول : قال ابن عباس رضي الله عنهما : يؤتي بالدنيا يوم القيامة في صورة عجوز شمطاء زرقاء أنيابها بادية مشوه خلقها فتشرف على الخلائق فيقال : أتعرفون هذه فيقولون : نعوذ بالله من معرفة هذه فيقال : هذه الدنيا التي تشاجرتم عليها بها تقاطعتم الأرحام وبها تحاسدتم وتباغضتم واغتررتم ثم يقذف بها في جهنم فتنادي : يا رب أين أتباعي وأشياعي فيقول الله عز وجل : ألحقوا بها أتباعها وأشياعها . قال ابن أبي الدنيا : وحدثنا إسحاق بن إسماعيل حدثنا روح بن عبادة
273
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 273