نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 266
قال : يشغله اصلاحه عن ذكر الله عز وجل . قالوا : وذلك معلوم بالتجربة والمشاهدة فان حبها يدعو إلى خطيئة ظاهرة وباطنة ولا سيما خطيئة يتوقف تحصيلها عليها فيسكر عاشقها حبها عن علمه بتلك الخطيئة وقبحها وعن كراهيتها واجتنابها وحبها يوقع في الشبهات ثم في المكروهات ثم في المحرمات وطالما أوقع في الكفر بل جميع الأمم المكذبة لأنبيائهم انما حملهم على كفرهم وهلاكهم حب الدنيا فان الرسل لما نهوهم عن الشرك والمعاصي التي كانوا يكسبون بها الدنيا حملهم حبها على مخالفتهم وتكذيبهم . فكل خطيئة في العالم أصلها حب الدنيا ، ولا تنس خطيئة الأبوين قديما فإنما كان سببها حب الخلود في الدنيا ولا تنس ذنب إبليس وسببه حب الرياسة التي محبتها شر من محبة الدنيا وبسببها كفر فرعون وهامان وجنودهما وأبو جهل وقومه واليهود فحب الدنيا والرياسة هو الذي عمر النار بأهلها والزهد في الدنيا والرياسة هو الذي عمر الجنة بأهلها والسكر بحب الدنيا أعظم من السكر بشرب الخمر بكثير وصاحب هذا السكر لا يفيق منه إلا في ظلمة اللحد ولو انكشف عنه غطاؤه في الدنيا لعلم ما كان فيه من السكر وأنه أشد من سكر الخمر . والدنيا تسحر العقول أعظم سحر . قال الإمام أحمد : حدثنا سيار حدثنا جعفر قال : سمعت مالك ابن دينار يقول : اتقوا السحارة اتقوا السحارة فإنها تسحر قلوب العلماء . وقال يحيى بن معاذ الرازي : الدنيا خمر الشيطان من سكر منها فلا يفيق إلا في عسكر الموتى نادما بين الخاسرين وأقل ما في حبها أنه يلهى عن حب الله وذكره ومن ألهاه ماله عن ذكر الله فهو من الخاسرين وإذا لها القلب عن ذكر الله سكنه الشيطان وصرفه حيث أراد ومن فقهه في الشر أنه يرضيه ببعض أعمال
266
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 266