responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 237


فان التكاثر تفاعل وهو طلب كل من المتكاثرين أن يكثر صاحبه فيكون أكثر منه فيما يكاثره به والحامل له على ذلك توهمه أن العزة للكاثر كما قيل :
ولست بالأكثر منهم حصى * وانما العزة للكاثر فلو حصلت له الكثرة من غير تكاثر لم تضره كما كانت الكثرة حاصلة لجماعة من الصحابة ولم تضرهم إذ لم يتكاثروا بها وكل من كاثر انساناً في دنياه أو جاهه أو غير ذلك شغلته مكاثرته عن مكاثرة أهل الآخرة .
فالنفوس الشريفة العلوية ذات الهمم العالية انما تكاثر بما يدوم عليها نفعه وتكمل به وتزكو وتصير مفلحة فلا تحب أن يكثرها غيرها في ذلك وينافسها في هذه المكاثرة ويسابقها إليها فهذا هو التكاثر الذي هو غاية سعادة العبد وضده تكاثر أهل الدنيا بأسباب دنياهم .
فهذا تكاثر مله عن الله والدار الآخرة وهو صائر إلى غاية القلة فعاقبة هذا التكاثر قل وفقر وحرمان والتكاثر بأسباب السعادة الأخروية تكاثر لا يزال يذكر بالله ولقائه وعاقبته الكثرة الدائمة التي لا تزول ولا تفنى وصاحب هذا التكاثر لا يهون عليه أن يرى غيره أفضل منه قولاً وأحسن منه عملاً وأغزر علما وإذا رأى غيره أكثر منه في خصلة من خصال الخير يعجز عن لحاقه فيها كاثره بخصلة أخرى هو قادر على المكاثرة بها وليس هذا التكاثر مذموماً ولا قادحا في اخلاص العبد بل هو حقيقة المنافسة واستباق الخيرات .
وقد كانت هذه حال الأوس مع الخزرج رضي الله عنهم في تصاولهم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكاثرة بعضهم لبعض في أسباب مرضاته ونصره وكذلك كانت حال عمر مع أبي بكر رضي الله عنهما فلما تبين له مدى سبقه له قال : والله لا أسابقك إلى شيء أبدا .
[ فصل ] ومن تأمل حسن موقع ( كلا ) في هذا الموضوع فإنها تضمنت ردعا لهم وزجرا عن التكاثر ونفيا وابطالا لما يؤملونه من نفع التكاثر لهم وعزتهم وكمالهم

237

نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 237
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست