نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 236
عار عن كل خير من العلم النافع والعمل الصالح وانما الله سبحانه هو الذي يكمله بذلك ويعطيه إياه وليس له ذلك من نفسه بل ليس له من نفسه إلا الجهل المضاد للعلم والظلم المضاد للعدل وكل علم وعدل وخير فيه فمن ربه لا من نفسه فالهاء التكاثر طبيعته وسجيته التي هي له من نفسه ولا خروج له عن ذلك إلا بتزكية الله له وجعله مريدا للآخرة مؤثراً لها على التكاثر بالدنيا فان أعطاه ذلك والا فهو ملته بالتكاثر في الدنيا ولا بد . وأما احتجاجه بالوعيد على اختصاص الخطاب بالكفار فيقال : الوعيد المذكور مشترك وهو العلم عند معاينة الآخرة فهذا أمر يحصل لكل أحد لم يكن حاصلاً له في الدنيا وليس في قوله : ( سوف تعلمون ) ( التكاثر : 3 ) ما يقتضي دخول النار فضلاً عن التخليد فيها وكذلك رؤية الجحيم لا يستلزم دخولها لكل من رآها فان أهل الموقف يرونها ويشاهدونها عيانا وقد أقسم الرب تبارك وتعالى أنه لا بد أن يراها الخلق كلهم مؤمنهم وكافرهم وبرهم وفاجرهم فليس في وأما ما ذكره عن الحسن أنه لا يسئل عن النعيم إلا أهل النار فباطل قطعا اما عليه واما منه والأحاديث الصحيحة الصريحة ترده وبالله التوفيق . ولا يخفى أن مثل هذه السورة مع عظيم شأنها وشدة تخويفها وما تضمنته من تحذير التكاثر الملهي وانطباق معناها على أكثر الخلق يأبى اختصاصها من أولها إلى آخرها بالكفار ولا يليق ذلك بها ويكفي في ذلك تأمل الأحاديث المرفوعة فيها والله أعلم . وتأمل ما في هذا العتاب الموجع لمن استمر على الهاء التكاثر له مدة حياته كلها إلى أن زار القبور ولم يستيقظ من نوم الالهاء بل أرقد التكاثر قلبه فلم يستفق منه إلا وهو في مسكن الأموات وطابق بين هذا وبين حال أكثر الخلق يتبين لك أن العموم مقصود . وتأمل تعليقه سبحانه الذم والوعيد على مطلق التكاثر من غير تقييد بمتكاثر به ليدخل فيه التكاثر بجميع أسباب الدنيا على اختلاف أجناسها وأنواعها وأيضاً
236
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 236