نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 231
لتعذروا بل ظهر لكم ما كان معلوماً وكنتم تتواصون باخفائه وكتمانه والله أعلم . ولا تستطل هذا الفصل المعترض في أثناء هذه المسألة فلعله أهم منها وأنفع وبالله التوفيق فلنرجع إلى تمام الكلام فيها . وقوله : ( كلا لو تعلمون علم اليقين ) ( التكاثر : 5 ) جوابه محذوف دل عليه ما تقدم أي لما ألهاكم التكاثر وانما وجد هذا التكاثر وإلهاؤه عما هو أولى بكم لما فقد منكم علم اليقين وهو العلم الذي يصل بين صاحبه إلى حد الضروريات التي لا يشك ولا يمارى في صحتها وثبوتها ولو وصلت حقيقة هذا العلم إلى القلب وباشرته لما ألهاه عن موجبه وترتب أثره عليه فان مجرد العلم بقبح الشيء وسوء عواقبه قد لا يكفي في تركه فإذا صار له علم اليقين كان اقتضاء هذا العلم لتركه أشد فإذا صار عين يقين كجملة المشاهدات كان تخلف موجبه عنه من أنذر شيء وفي هذا المعنى قال حسان بن ثابت رضي الله عنه في أهل بدر : سرنا وساروا إلى بدر لحتفهم * لو يعلمون يقين العلم ما ساروا وقوله : ( كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون ) ( التكاثر : 3 4 ) قيل : تأكيد لحصول العلم كقوله : ( كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون ) ( النبأ : 4 5 ) وقيل : ليس تأكيداً بل العلم الأول عند المعاينة ونزول الموت والعلم الثاني في القبر هذا قول الحسن ومقاتل ورواه عطاء عن ابن عباس . ويدل على صحة هذا القول عدة أوجه : أحدها : أن الفائدة الجديدة والتأسيس هو الأصل وقد أمكن اعتباره مع فخامة المعنى وجلالته وعدم الاخلال بالفصاحة . الثاني : توسط ( ثم ) بين العلمين وهي مؤذنة بتراخي ما بين المرتبتين زماناً وخطراً . الثالث : أن هذا القول مطابق للواقع فان المحتضر يعلم عند المعاينة حقيقة ما كان عليه ثم يعلم في القبر وما بعده ذلك علماً هو فوق الأول .
231
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 231